دمشق | بعد إطلاق «رابطة الكتّاب السوريين» مطلع العام الحالي، التي ضمّت مجموعة من الكتّاب المعارضين للنظام، ها هي «رابطة الصحافيين السوريين» تبصر النور. وأصدرت الهيئة التأسيسية للرابطة بياناً لفت إلى «استبداد نظام (حزب) «البعث» وعدم احترامه لمهنة الصحافة». وجاء في البيان أيضاً أن عضوية الرابطة «مفتوحة أمام كل الصحافيين السوريين...». أما سبب تأسيس هذه الرابطة فهو «نتيجة تفاعل مع حراك الشعب السوري، وتعبيراً عن التضامن معه والمشاركة في الثورة ضد النظام الاستبدادي الأمني... وتهدف الرابطة من خلال تأسيسها إلى تنظيم طاقات الصحافيين كتجمع ديموقراطي ومستقل».
وانتقد البيان الدور «السلبي لاتحاد الصحافيين (التجمّع الرسمي للصحافيين السوريين)، وصمته عن منع الفضائيات والإعلام المحايد من الدخول إلى سوريا، وعن القمع الذي يتعرض له الصحافيّون والصعوبة البالغة في مزاولة عملهم في هذه الظروف...».
ومن أبرز الأسماء التي شاركت في صياغة هذا البيان كل من المعارض الشهير فايز سارة، وعامر مطر، وإياد شربجي، وبسام جعارة وميساء آقبيق، وأحمد كامل، وزينة رحيم...
وحالما صدر البيان، شهدت الساحة الإعلامية السورية انقساماً، فمنهم من رأى أنّها مجرد فورة عشوائية وغير منظمة، فيما رأى آخرون أنها خطوة مهمة للاستقلال عن بيروقراطية المنظمات الحكومية «بعدما أقفل المسؤولون في «اتحاد الصحافيين السوريين» الأبواب على أنفسهم وصمّوا آذانهم عن كل ما يجري... وتحول الاتحاد إلى كوة جباية ليس أكثر، لا يستفيد منه إلا العاملون في المؤسسات الإعلامية الحكومية».
وحتى الساعة، تدور أسئلة مهمة حول جدوى تأسيس هذه الرابطة وإمكان تنظيمها، ومصادر تمويل هذا التنظيم الإعلامي. كذلك فإن علامات استفهام ترتسم حول بعض الأسماء المشاركة في الرابطة التي عرف عنها سابقاً مملأتها للنظام.
في حديثه مع «الأخبار»، يقول فايز سارة إنّ «تأسيس الرابطة مسألة مهمة للغاية، على أن نبحث في ما بعد كل الخطوات الواجبة. وفي انتظار حصولنا على مصادر تمويل مريح، فإن التمويل سيكون من جيوب أعضاء الرابطة المؤمنين بوجودها». وعن تخوف بعض الصحافيين من الأسماء التي تثير لغطاً، وكانت من أوائل الموقّعين على البيان التأسيسي، يردّ سارة بالقول: «الرابطة وعاء مهني لا سياسي. لكن هناك نظام داخلي سيصدر قريباً وسيُستند إليه لقبول أي شخص، وبالتالي التخوفات من مجموعة بسيطة من الأشخاص لا تلغي أهمية وجود الكم الآخر، وهم غالبية، ومعروف تاريخهم النظيف». ويشير إلى أنّ الرابطة أسست صفحة على فايسبوك حتى يكون هناك تواصل مباشر مع كل الصحافيين، بغية أخذ العلم بأي انتهاكات تحصل معهم.
وفي ظلّ هذا الحراك الإعلام، برزت أمس تعليقات لصحافيين وناشطين سوريين استنكروا ما كتبته الممثلة مي سكاف على صفحتها على فايسبوك، إذ كتبت هذه الأخيرة أنها اشترت «بيجامات وأحذية رياضة وجهاز تلفزيون وبراد للأطفال اللبنانيين اللاجئين إلى سوريا أثناء عدوان تموز/ يوليو 2006». وطالبت السيد حسن نصر الله شخصياً إما «بإعادة المبلغ وهو مئة ألف ليرة سورية، حوالى (2000 دولار في ذلك الوقت)، أو بسحب شبيحته من سوريا». ووصف الغاضبون من الممثلة المقيمة في الخليج حالياً كلامها بـ«المهين والمسيء للشعبَين اللبناني والسوري». وأصدر هؤلاء بياناً تناقلته مواقع إخبارية عديدة جاء فيه «نتعهد نحن الموقعين إرسال المبلغ بحوالة مسجلة باسمها الشخصي، ونؤكد تقديم بالغ اعتذارنا كشبان سوريين لسيد المقاومة ولشعب المقاومة في لبنان الشقيق». وأدّت ردود الفعل الغاضبة إلى قيام سكاف بسحب تعليقها على فايسبوك.
وكان مصدر إعلامي ادّعى لقناة «الحقيقة» أنّ السيد حسن نصر الله أمر بالتواصل مع أوساط مي سكاف بغية إرسال كل المواد العينية التي قدمتها، إضافة إلى المبالغ النقدية. وحكى المصدر عن الغضب العارم الذي يسود أوساط المقاومة بسبب ما صرّحت به سكاف، مؤكداً أنّ «الحزب على استعداد لتسوية الموضوع ولن يسمح لأحد بأن يُشعر أطفال لبنان بأنهم تسوّلوا أحذية وبراداً».... وشكر المصدر الإعلامي سكاف على ما قامت به، مشيراً إلى«أنها كانت تحصل على أموالها بالتعاون مع «اتحاد شبيبة الثورة» التابع لحزب «البعث» الذي قدم لها دعماً كبيراً لإنشاء «معهد تياترو» الذي كانت تديره».
إذاً يتواصل تأسيس الروابط المستقلة عن الحكومة والمناصرة للحراك الشعبي كمرحلة متقدمة عن مراحل إصدار البيانات. ولا شكّ في أنّ هذه التجمعات تسهم في زيادة الشرخ في المجتمع السوري الذي يعاني انقساماً واضحاً يتزايد يوماً بعد يوم. شرخ تعمّق في الأوساط الإعلامية والفنية التي دخلت بعض شخصياتها في مرحلة جنون التصريحات غير المنطقية... ومي سكاف أبرز مثال على ذلك!