دمشق | منذ أن قدّم المخرج السوري بسام الملا مسلسل «أيام شامية» مطلع التسعينيات، تمكّن هذا النوع من الدراما من جذب شريحة كبيرة من الجمهور. وسرعان ما لاقت هذه الأعمال رواجاً على الفضائيات العربية. واستمرّ الملا في نجاحاته من خلال «الخوالي»، و«ليالي الصالحية»، إلى أن جاء «باب الحارة»، ليتفوّق على كل أعمال هذا المخرج السوري. وفي ظل هذه الظاهرة التي سمّيت دراما «البيئة الشامية»، وجدت شركات الإنتاج حلّاً لأي مقاطعة عربية محتملة، إذ لا تزال هذه الأعمال قادرة على تأمين ظروف عرض ممتازة.
هكذا أصيبت الدراما السورية بحمى الأعمال الشامية، التي شوهت تاريخ دمشق، وقدّمت قصصاً افتراضية بطريقة إسقاطية على شكل حكايات الجدات، باستثناء بعض الأعمال التي وثّقت على نحو جدي تاريخ دمشق، مثل سلسلة «الحصرم الشامي»، و«طالع الفضة» للمخرج سيف الدين السبيعي، لكن مع كثرة هذه الأعمال بدأ الجمهور يعرض عنها، وتراجع مستوى متابعتها، إذ لم يحقق مسلسل «الزعيم» لمؤمن الملا حجم المتابعة الذي كانت تتوقعه mbc، فقررت أن تتوقف عند الجزء الأول، وتلجأ إلى أعمال جديدة (راجع الكادر).
وبغض النظر عن حالة الزخم الإنتاجي لهذا النوع الدرامي، فقد وجد بعض المنتجين السوريين أنفسهم مجبرين على البحث عن نصوص شامية، بعد تهديدات بمقاطعة الأعمال السورية. تحدثت المنتجة ديالا الأحمر (شركة «غولدن لاين») عن مسلسل شامي تنتجه هذا العام هو «خوابي الشام» لقصي الأسدي، وتامر إسحق. كذلك، أعلن السيناريست الشاب طلال مارديني أنه في طور كتابة مسلسله الشامي الجديد «خاتون»، على أن يؤدّي بطولته النجم السوري قصي خولي، فيما تعتزم «شركة قبنض للإنتاج الفني» إنجاز مسلسلَين شاميَّين أيضاً. الأول هو «طوق البنات» للكاتب أحمد حامد، والثاني هو «زمن البرغوث» للكاتب محمد زيد، الذي يتوقّع أن يخرجه أحمد إبراهيم أحمد.
من جهته باشر المخرج تامر إسحق في أحياء دمشق القديمة إنجاز مسلسله الشامي «الأميمي»، للسيناريست سليمان عبد العزير، وإنتاج «شركة الخيمي». والمسلسل عمل دمشقي في ثلاثين حلقة، يتناول تفاصيل وأحداثاً اجتماعية تدور في حارات عاصمة الأمويين، بعد خروج إبراهيم باشا وعودة العثمانيين إلى السلطة... ضمن حكايات شعبية، يجسدها أبطال العمل. ويركّز السيناريو على شخصية الأميمي، وهو الشخص المسؤول عن تسخين المياه في حمام السوق، ويجسّد دوره عباس النوري. ويكون البطل رجلاً من عائلة دمشقية عريقة اضطر إلىلا الخروج من حارته والعمل بعيداً عنها، بعد خلاف حاد مع عائلته. وعن هذا العمل يقول المخرج تامر إسحق في حديثه لـ «الأخبار»: «يبتعد المسلسل عن طريقة الفنتازيا التي تقدم بها غالبية الأعمال الشامية. ويحاول إلى حد ما التوثيق لتاريخ دمشق». ويضيف: «نحاول التركيز على أسرار الأحياء الدمشقية وحكاياتها الاجتماعية... من جهة ثانية، يكشف العمل حقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة، على عكس السائد في أعمال البيئة الدمشقية». وعن سبب توجهه إلى الأعمال الشامية، يجيب إسحق بالقول: «أميل إلى هذا النوع من الأعمال، رغم أنها أسهل من الأعمال الاجتماعية المعاصرة، لكن ميزة هذا المسلسل تحديداً أنه أبعدني عن القصص الافتراضية، التي لا علاقة لها بحقيقة الشام».
هكذا يواصل المخرج السوري الشاب إنجاز مشاهد المسلسل الشامي، الذي تؤدي أدواره مجموعة من نجوم الدراما السورية، منهم: عباس النوري، وكاريس بشار، ووفاء موصلي، وسيف الدين السبيعي، ومعتصم النهار، وجلال شموط، وحسن عويتي، وآخرون... وعما إذا كان قد توجّه إلى الأسماء التي كرست نجاحات سابقة في الدراما الشامية، يقول إسحق: «على العكس، فقد توجّهت إلى ممثلين لم يجسدوا أدواراً في هذه الأعمال، إضافة إلى نجوم هذه الدراما طبعاً...».
الممثل الشاب معتصم النهار يؤدي بطولة في هذا العمل في أولى تجاربه مع الدراما الشامية، ويجسّد دور شريف. في حديثه لـ «الأخبار»، يلفت إلى متعة التعاطي مع الرؤية الشابة لتامر إسحق، ويضيف: «ما يميز العمل أن قصّته على تماس مباشر مع الحدث السياسي في تلك المرحلة...».
من جانب آخر، تؤكد مصادر من داخل الشركة المنتجة، أنّ العمل على وشك التسويق، لأكثر من محطة عربية، من دون أيّ صعوبات أو مقاطعة كما تردّد. إذاً الدراما الشامية هي الرائجة هذا الموسم، لكن في محاولة للاقتراب من التاريخ الحقيقي لدمشق، والابتعاد عن سطحية الخيال الافتراضي الذي حكم غالبية الأعمال الشامية، وربما هذا هو المؤشر الإيجابي الوحيد في الموسم المقبل.



«باب الحارة» أم «القنوات»؟

منذ النجاح الكبير الذي حقّقته محطة mbc عند عرض سلسلة «باب الحارة»، باتت عين الشبكة السعودية على الدراما الشامية. هكذا وبعد فشل مسلسل «الزعيم» (بطولة باسل خياط، وخالد تاجا...) الذي عرض العام الماضي، قررت القناة العودة مجدداً إلى صدارة المشهد الرمضاني. والحلّ سيكون إما جزءين جديدَين من «باب الحارة»، أو مسلسلاً شامياً جديداً هو «القنوات» (اسم مبدئي) يكتبه عثمان جحا وأحمد كنعان، على أن تنفّذ إنتاجه شركة «كلاكيت». وسيكون العمل بمثابة تجربة جديدة لهذا العام، لاختبار إمكان تحقيق جماهيرية «باب الحارة» في عمل شامي يحكي مرحلة انسحاب الجيش العثماني، ووصول الجيش العربي إلى دمشق.