القاهرة | لم تمرّ مرور الكرام القبلة التي طبعها محمد البرادعي على خدّ أنجلينا جولي عندما سلّمها منذ أيام جائزة أفضل فيلم عن باكورتها الإخراجية «في أرض الدماء والعسل» خلال «مهرجان السينما من أجل السلام». علماً بأنّ هذا الحدث يقام سنوياً على هامش «مهرجان برلين السينمائي» الذي يُختتم الأحد. حالما انتشرت الصور على فايسبوك، انطلقت النكات ولحقتها الانتقادات. النكات ركّزت على أنّ المرشح السابق لانتخابات الرئاسة المصرية «رفع رأس مصر» بعدما كان الرجل المصري الأول الذي يقبّل أنجلينا جولي مع توقعات بأنّ الغضب قد يصيب براد بيت.
وتابع هؤلاء قائلين إنّ الدبلوماسي السبعيني كان أفضل ممثّل لمصر في المحافل الدولية، ولولا انسحابه من السباق الرئاسي، لفاز بمنصب الرئيس بالتزكية بسبب هذه القبلة. وتابع الساخرون على تويتر: «ناس ليها السلف والإخوان، وناس ليها أنجلينا»، و«يعني إيه ليبرالية يا برادعي، يعني تبوس إنجلينا لوحدك واحنا نبوس إيدينا وش وظهر»...
وكما هي العادة، جرت الاستعانة بالنكات الأقدم وتركيبها على الموقف الجديد: مثلاً، للشيخ المتشدد حازم شومان تصريح شهير مفاده أنّ «ليبرالية البرادعي تعني أنّ أمك تقلع الحجاب»، فجاءت النكتة أنّ «الليبرالية هي أن يقبّل البرادعي أنجلينا جولي، وأنت تكتفي بأن تقبّل رأس والدتك سواء أكانت محجبة أم لا».
كذلك، كان الإعلامي المحسوب على النظام السابق توفيق عكاشة قد انتقد صاحب «نوبل» للسلام في تصريح كوميدي شهير. يومها، قال إنّ البرادعي لا يعرف كيف تأكل البطة في الأرياف، بما معناه أنّه بعيد عن شؤون المصريين. أما النكتة الجديدة، فقد ردّت الصاع لعكاشة، فجاءت: «من البرادعي إلى توفيق عكاشة: لو عرفت تقبّل أنجلينا جولي، هننتخبك رئيس جمهورية». أما محبّو البرادعي فقد لاموا زعيمهم بأنّهم وقفوا إلى جواره كثيراً في مصر، لكنّه لم يفكّر في اصطحابهم معه لمقابلة أنجلينا! بينما قال الكاتب الساخر بلال فضل إنّه سيواصل انتقاده لمواقف البرادعي، وتابع أنّ ذلك لن يمنعه من أن يطلب منه رقم هاتف النجمة الأميركية. الانتقادات التي طاولت البرادعي جاءت حتى من بعض الذين عملوا في حملته الرئاسية قبل الانسحاب. إذ قال الناشط حازم عرفة إنّه يجب أن يدرك البرادعي طبيعة المجتمع الذي ينتمي إليه، ويريد أن يقود التغيير فيه دائماً؛ لأنّ أنصاره تعبوا من الدفاع عنه، وخصوصاً أنّ هناك عقولاً كثيرة لن تقبل مشهد تقبيل البرادعي للنجمة مهما كانت المبررات. أما الأصوات الإسلامية المعارضة للبرادعي على طول الخط، فقال بعضها إنّه «يطالبنا بالحداد كلما وقعت كارثة للشباب المتظاهرين، لكنه لا يمانع في الذهاب إلى مهرجانات سينمائية ومقابلة نجمات هوليوود». وبين هذا وذاك، برز تيار ثالث رأى أنّ الرجل لم يعد طامعاً في الرئاسة، وبالتالي هو حرّ في تصرفاته، ومن غير المنطقي أن يُشغَل الناس كل هذا الوقت بقبلة لم تستغرق ثواني معدودة.
اللافت أنّه لا أحد توقف عند الشريط الذي أهّل أنجلينا للفوز بجائزة أفضل فيلم، ولا عند الدور الذي تؤديه النجمة الأميركية على مستوى العالم من حيث نشاطاتها الإنسانية. حتى عندما قررت أن توقع فيلماً باسمها، اختارت أن يدور في البوسنة عن قصة حبّ بين شاب صربي وفتاة بوسنية قبل اندلاع الحرب. وتكتشف الفتاة أنّ حبيبها هو أيضاً أحد جنود معسكر الإبادة ويكنّ كرهاً للمسلمين. ورغم الأفكار المسبقة والصور النمطية للإسلام التي امتلأ بها الشريط وفق بعض النقاد، إلا أنّه يبقى دعوة ولو «هوليوودية» إلى السلام.