رغم احتفاء الدورة الثانية والستين من «مهرجان برلين السينمائي الدولي» (البرليناله) بالربيع العربي، تبدو المشاركة السينمائية العربية متواضعة، وسط غياب تام عن المسابقة الرسمية التي تضمّ 14 فيلماً من فرنسا وألمانيا، وإسبانيا، وسويسرا، واليونان، وإيطاليا... ولو أنّ المخرج بونوا جاكو عدّ شريطه «وداعاً يا مليكتي»، الذي افتتح المهرجان، استعارةً لـ «الربيع العربي».
إلى جانب الندوات المختلفة التي تحتفي بالثورات، تضيء الأفلام العربية المشاركة على الثورة في مصر والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في ديار العرب. في المهرجان، خمسة أفلام متنوعة تتناول الثورة المصرية. ضمن تظاهرة Berlinale Special، يعرض الشريط الوثائقي «الثورة خبر» لمخرجه بسام مرتضى (2012 ـــــ 62 د) الذي يوثق عمل ستة صحافيين من صحيفة «المصري اليوم» خلال أحداث الثورة، من خلال مواد الفيديو التي استطاعوا تسجيلها. ومن جانب آخر، يسلّط العمل الضوء على التناقض الذي عاشه الصحافيون بين عملهم اليومي في تغطية الأحداث بحيادية، ومشاركتهم في ثورة النيل ومواجهة آلة القمع.
ضمن تظاهرة «بانوراما الأفلام الوثائقية»، يقدّم المخرج المصري نمير عبد المسيح فيلمه الأول «العذراء والأقباط وأنا» (2012ــــ 85 د). الشريط الذي سبق أن نال جائزة أفضل فيلم وثائقي في الدورة الأخيرة من «مهرجان الدوحة ـــــ ترايبيكا السينمائي»، يحكي قصة والدة المخرج التي «رأت ظهوراً» للعذراء في أحد شرائط الفيديو القديمة التي تمتلكها في مصر. يقرر المخرج زيارة مصر وصناعة فيلم عن هذه الظاهرة، ليتحول الفيلم بعدها إلى محاولة للتغلب على مصاعب مختلفة يواجهها المخرج، سواء من الأهل أو من منتج الفيلم أو سكان القرية في مصر.
يعرض أيضاً ضمن «بانوراما الأفلام الوثائقية» شريط المخرجة المصرية الأميركية مي إسكندر «كلام شهود» (2012 ـــ 68 د). توثق إسكندر في الفيلم جهود الصحافية هبة العفيفي، التي تعمل في النسخة الإنكليزية من صحيفة «المصري اليوم» خلال مشاركتها في تظاهرات الثورة من جهة، وجهودها مع أمها بمحاولة اقناعها بأهمية ما تفعله من جهة أخرى. أما فيلم «في ظل رجل» لحنان عبد الله (2011 ــــ 65 د)، فيحاول تقديم صورة لوضع المرأة في المجتمع المصري، من خلال قصص أربع نساء من خلفيات اجتماعية مختلفة، وربط مستقبل تطور النظرة الاجتماعية إلى وضع النساء على نحو عام، بالحالة الثورية التي تمر بها البلاد. هذا إضافةً الى الفيلم القصير «باي باي» للمصري بول جيداي (2011 ــــ 5 د).
وضمن تظاهرة «منتدى»، يشارك المخرج الأردني يحيى العبد الله بباكورته الروائية «الجمعة الأخيرة» (2011 ـــ 88 د). في الفيلم الذي شارك أخيراً في عدد من المهرجانات السينمائية، ونال ثلاث جوائز في النسخة الأخيرة من «مهرجان دبي السينمائي» (جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وأفضل تأليف موسيقي للأخوين جبران، وأفضل ممثل لعلي سليمان)، يقدم العبد الله دراما هادئة عن الأربعيني يوسف، سائق التاكسي، الذي يعيش في أحد الأحياء الشعبية في عمّان، بعدما فقد معظم ما يملك. وفي انتظار عملية جراحية، يحاول إعادة علاقته المبتورة مع محيطه، ويحاول جمع المال لتغطية تكاليف العملية. من خلال ذلك، يقدّم الشريط نظرة إلى العلاقات الإنسانية في العائلة والمجتمع، التي تحكمها الظروف الاقتصادية. من المغرب، يشارك المخرج فوزي بن سعيدي بشريطه الروائي «موت للبيع» (2011 ـــ 117 د) ضمن تظاهرة «بانوراما». يلقي الفيلم نظرة على الشباب المغربي الضائع من خلال قصة ثلاثة أصدقاء يعيشون حياة خطرة في تطوان، واختلافهم مع بعضهم بعضاً بعد التفكير في سرقة متجر للمجوهرات. من المغرب أيضاً، يشارك الفيلم القصير «كيف ما يقولو» لمخرجه هشام عيوش (2011ــــ 13 د) ضمن تظاهرة «منتدى». يتناول الشريط قصة أب وابنه يقرران الذهاب الى الجبال في رحلة تخييم، لتواجه عملية محاولة توطيد العلاقة بين الاثنين اختباراً وامتحاناً بعد إفشاء الابن سره أمام والده.
لبنانياً ضمن تظاهرة «منتدى»، يشارك المخرج أحمد غصين بشريطه الوثائقي «أبي ما زال شيوعياً، أسرار حميمة للجميع» (2011 ــ 32 د). يحاول غصين في فيلمه، الذي نال شهادة تقدير في «مهرجان الدوحة ترايبيكا»، إعادة فحص العلاقة بين والديه من خلال أشرطة كاسيت كانت والدته ترسلها من لبنان الى السعودية، حيث كان والده يعمل إبان الحرب الأهلية، إضافةً الى ذلك، تشارك أربعة أفلام لبنانية قصيرة، اثنان منها لمحمود حجيج هما «سوف نربح» (2006ـــ 8 د) و «تبادل مستحيل» (2011، 10 د) ضمن تظاهرة Berlinale Short Extra وفيلمان لغيث الأمين بعنوان «الملك يفقد أسنانه» (2011 ـــ 5د) و«تي إس تي إل» (2011ــــ 3د) ضمن تظاهرة Forum expanded.



مكرّمون

يحتفي الـ «برليناله» هذا العام بالمعلم اليوناني ثيو أنجلوبولوس (1935 ــ 2012)، وبالمخرج والممثل الألماني فاديم غلونا (1941 ــ 2012). ضمن عرض خاص، سيقدّم في 16 من الشهر الحالي فيلم «المرج الباكي» (2004) الذي ترشح عنه أنجلوبولوس لجائزة «الدب الذهبي» في برلين. أما فاديم غلونا، أحد أهم الوجوه في السينما الألمانية الجديدة، فسيعرض له شريط «ديسبيرادو سيتي» (1981)، إضافةً إلى ذلك، سيكرّم المهرجان ميريل ستريب، وسيمنحها جائزة الدب الذهبي التقديرية عن مسيرتها، مع عرض فيلمها الجديد «المرأة الحديدية»، الذي تؤدي فيه شخصية رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر.