القاهرة| لم يتوقّع عادل إمام أن يصدر عليه حكم بالسجن بعد أكثر من أربعة عقودٍ من دخوله عالم الفنّ، وتربّعه على عرش الكوميديا العربية. ولم يتوقّع أيضاً أن يقف إلى جانبه أشدّ معارضيه، ممن يرونه من أبرز الداعمين لنظام حسني مبارك. بعدما لجأ «الزعيم» إلى الظلّ منذ «ثورة 25 يناير»، عاد اسمه إلى التداول إثر صدور حكم بسجنه لمدة ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ 166 دولاراً بتهمة ازدراء الدين الإسلامي في أعماله الفنية. وجاء الحكم الابتدائي ضد النجم المصري ليفتح باب التضامن معه حتى من أكثر المعارضين لآرائه ولأدائه الفني في السنوات الأخيرة.
إذ أطلقت «جبهة الإبداع المصري» التي تشكلت قبل أسابيع، بياناً رفضت فيه سجن عادل إمام. وقال المتحدث باسم الجبهة المنتج محمد العدل، إن الخلافات الشخصية والسياسية مع إمام لن تمنعه من دعوة أعضاء الجبهة إلى دراسة سبل التضامن مع الفنان المهدد بالحبس. فيما أعلن الناقد طارق الشناوي المعروف عنه حدة نقده لأفلام «الزعيم» الأخيرة أنّ الدفاع عن ازدراء الاديان غير مقبول، لكنه يؤكّد أن صاحب «عمارة يعقوبيان» لم يقم بذلك، وبالتالي فإن الدفاع عنه واجب.
لكن هل ازدرى عادل إمام الدين الإسلامي؟ أم أنّ ما قدّمه كان انتقاداً لكل المتاجرين باسم الدين؟ عمد «الزعيم» في أعماله إلى السخرية من رجل الدين من دون التطرّق إلى الدين نفسه، كما قال الشناوي. ولفت هذا الأخير إلى ملاحظة أساسية وهي أن إمام يقدم ما يكتبه مؤلف ويوقّعه مخرج، فلماذا يعاقب هو دون غيره على هذه التهمة لو صحت؟ وأضاف أنّ النجم المصري تعرض للموقف نفسه في فيلم «الأفوكاتو» في مطلع الثمانينيات، وصدر وقتها حكم بسجنه مع مؤلف ومخرج الفيلم رأفت الميهي بتهمة «إهانة المحامين». لكن الحكم عاد وسقط في محكمة الاستئناف. كذلك حذّر الشناوي من تكرار هذه الأحكام ضد الفنانين في المرحلة المقبلة خصوصاً «أنّ الدولة التي كانت تقف مع حرية الإبداع غير موجودة الآن». وهنا يشير إلى أنّ النظام السابق كان يحمي عادل إمام ليس لأنه من مناصريه فقط، بل لأنه كان يوجد في هذا النظام نفسه من يعرف متى يوقف التصادم بين التيارات المختلفة حتى لا تتعرض حرية الإبداع للانهيار.
لكن بعد الثورة، تغيّرت الصورة بالنسبة إلى الناقد الشهير، هكذا اضطر المبدعون للخروج وتكوين جبهة للحفاظ على حريتهم. وهو ما يفسر موقفهم المساند لعادل إمام رغم مواقفه السياسية التي لم يتردّد يوماً في الإعلان عنها قبل سقوط حسني مبارك، حتى وصل به الأمر إلى تزكية جمال مبارك لخلافة والده. إذاً عرفت «جبهة الإبداع المصري» كيف تفصل بين حرية التعبير والسياسة، ورفضت فكرة الحكم قضائياً على ممثل شهير بسبب أعمال قدّمها منذ سنوات طويلة. ورأت الجبهة في هذه الخطوة أمراً مثيراً للقلق و«تجعل من السهل تطبيق هذه الأحكام على فنانين آخرين». وهو ما يبدو ممكناً خصوصاً أن هذه النوعية من القضايا ترتبط غالباً بالخلفيات السياسية والدينية للقاضي الذي يصدر الحكم. هكذا قد يرى أحد القضاة أن فناناً ازدرى الأديان، فيما يتعامل معها قاض على اعتبارها قضية فنية بحتة، ويحكم بالبراءة. وبين هذا وذاك، يبقى الثابت الوحيد أنه في حال حكمت محكمة الاستئناف هي الأخرى على إمام، فإن النجم الكبير سيدخل السجن ولن يحميه أحد.