دمشق | يتحايل المسرحي السوري سامر عمران (1964) على قلقه قبل ساعات من افتتاح عرض «الأرامل». «ربما كانت مغامرة وتحدياً للذات، أن نقدّم عرضاً مسرحياً، في ظلّ الأحداث التي تعيشها البلاد»، يقول لـ«الأخبار». جاء العمل استكمالاً لمشروع عمران في ترجمة وإخراج أعمال الكاتب المسرحي البولوني سلافومير مروجيك (1930). تعرّف عمران إلى نتاج مروجيك مصادفةً أثناء دراسته المسرح في بولونيا. «كنت أبحث عن مشهد لإخراجه، فقرأت «المهاجران». شعرت بأنّ صاحبها كاتب سوري بامتياز، بشخصياته وأفكاره وأسلوب كتابته». قد يكون هذا ما دفعه إلى إخراج «الحدث السعيد» و«المهاجران» والعمل على ترجمة «الأرامل» الذي أنجزه مروجيك عام 1992، بعدما أصيب بمرض السرطان.
قُدِّم العمل الشهر الماضي في المقصف التابع لـ«دار الأوبرا السورية» من دون تغيير يذكر على طبيعة المكان، باستثناء لمسات سينوغرافية بسيطة، وضعها عمران بنفسه للفصل بين حيّز التمثيل، ومكان جلوس الجمهور، إضافةً إلى بعض قطع الديكور والأكسسوار، للدلالة على أنّ المكان حانة شعبيّة بسيطة.
من الصعب تصنيف نصّ مروجيك في قالب مسرحي محدّد، ما وضع عمران وفريقه أمام امتحان صعب، في تقديم قراءة بصرية للنصّ أمام جمهور لم يعتد مشاهدة تجارب مسرحية مغرقة في التجريب. جاءت البداية واقعية، أعلنها حوار جمع أرملتين (علا باشا، وغفران خضور) حول وفاة زوجيهما، وظروف وتوقيت وفاتيهما المتطابقة. يجنح الحوار، وانفعالات وردود أفعال الممثلتين على الخشبة تدريجاً نحو أجواء العبث الذي يؤكّده دخول شخصية النادل (زهير العمر) ليقصّ علينا من دون سابق إنذار، فصولاً من تاريخ الأرملتين. يتصاعد الحوار نحو التهكّم، والنحيب المصطنع، والغيرة المتبادلة ووضع مستحضرات التجميل على نحو محموم.
في المشهد الثاني، يتصارع شابان على مكان الجلوس. الأول مثقف متحذلق ومدعٍ (سيف أبو أسعد)، والثاني تاجر مخدرات صغير (أيمن عبد السلام)، يعيش في أوهام قوّته الجسدية المفتعلة. ينقلب الصراع، إلى محاولة كسب ودّ ولفت انتباه، امرأة متشحة بالسواد، نكتشف في نهاية المشهد أنّها شبح الموت. يبقى النادل/ الراوي ممسكاً ببوصلة العرض، يقصّ علينا ما يحلو له، وما يخطر في باله، أو يعلّق على ما يجري في حيّز التمثيل، ضمن أسلوب يذكّرنا بتغريب مسرح بريخت الملحمي. نهاية العمل جاءت بمونولوج لخص به النادل، أحوال البشر وهواجسهم وعلاقاتهم السريعة، عندما تتحول زيارته المتكررة إلى حديقة الحيوانات الحل الوحيد للخروج من عزلته. رغم الأداء التمثيلي المقنع لغالبية الممثلين، إلّا أنّ هفوات عديدة، بدت واضحة في ضبط النقلات بين المشاهد.