صنعاء | يوم الأربعاء الماضي، خرجت «الثورة»، وهي الصحيفة الرسمية الأولى في اليمن، من دون صورة الرئيس علي عبد الله صالح. صورة «الرئيس القائد»، التي كانت تظهر إلى جانب شعار الصحيفة منذ ثلاثين عاماً، اختفت فجأة، لتندلع بعدها سلسلة احتجاجات من شخصيات رسمية، رفضت هذه الخطوة. هكذا أطلّ علينا نائب وزير الإعلام، عبده الجندي، وهو أيضاً الناطق الرسمي باسم نظام صالح، معلناً تهديده بالاستقالة من منصبه في حال عدم إعادة الصورة إلى مكانها. ثم اجتمع «حزب المؤتمر الشعبي»، الذي يرأسه صالح ليندّد بشدّة «بهذا التصرف المخالف لاتفاقية المبادرة الخليجية. علي عبد الله صالح لا يزال رئيساً لليمن حتى الواحد والعشرين من شباط (فبراير) الجاري».
لكن الجهات الرسمية لم تكن وحدها الممتعضة من إزالة صورة «القائد» من الصفحة الأولى لـ«الثورة»، بل إن بعض الموالين لصالح (البلطجية) لم يترددوا في حمل هراواتهم وأسلحتهم البيضاء، متوجهين إلى مقر الصحيفة بهدف محاصرتها وإجبارها على إعادة صورة الرئيس إلى مكانها الأول. وهو الفعل ما أدى إلى تعثر صدور الجريدة للمرة الأولى، منذ 35 عاماً. تعثّر أسهمت فيه مجموعة من الصحافيين العاملين في «الثورة» التي لا تزال تدين بولائها للنظام.
لكن هذا التعطيل لم يدم طويلاً. هبط على مقرّ الصحيفة فريق صحافي، يرافقه فريق أمني أعادا العمل إلى طبيعته. أطلّت الصحيفة على القراء مجدداً بثوبها القديم، وعادت صورة صالح إلى مكانها، واستعادت المقالات المنشورة نبرتها السابقة في تخوين الثوار. كذلك استبعد كل المحررين الموالين للثورة. وإضافة إلى كل ما سبق، نشرت على صدر صفحتها الأولى صورة كبيرة لصالح، مصحوبة بمانشيت عريض كُتب عليه «اعتذار بالغ وعميق من صحيفة «الثورة» لشعبنا اليمني العظيم وأُسر الثورة اليمنية ومناضليها». وفي تفاصيل الخبر، تقدمت «الثورة» باعتذار عن «الخطأ الذي اقترفه بعض الذين أشرفوا على إصدار عدد الأربعاء من الجريدة ... والتصرف المشين بإزاحة صورة فخامة الرئيس المشير علي عبد الله صالح وكلماته». كما لم يغفل الخبر توجيه تحية إلى «الروح الوطنية الغيورة للمجاميع ( البلطجية) التي احتشدت أمس قبالة الصحيفة، أولئك الذين حرصوا على إيصال رسالة سلمية ومدنية إلى كل من تسوّل له نفسه المساس بمنجزات الشعب اليمني ومكاسبه».
من جهة أخرى، أصدر الصحافيون الموالون للثورة في «الثورة» تصريحات تؤكّد أن لا علاقة لهم بالعدد الذي صدر يوم الجمعة الماضي، وتضمّن تبجيلاً لصالح، مؤكدين أن مَن أصدر العدد «مجموعة أمنية موالية للنظام».
لكن الغريب في كل هذه التطورات، أنه رغم محاصرة مقر الجريدة وتعريض حياة الصحافيين للخطر، لم يتحرك جندي واحد من مقر وزارة الداخلية، الذي لا يبعد عن مقر الصحيفة أكثر من كيلومتر واحد، إضافة إلى عدم صدور بيان احتجاجي من قبل وزارة الإعلام. ويزداد الأمر غرابة عندما نعرف أن هاتين الوزارتين يجلس على كرسيهما وزيران تابعان للمعارضة، التي أصبحت وفق المبادرة الخليجية على رأس الحكومة اليمنية.
وكان إعلاميون مستقلون قد دعوا إلى تحييد الإعلام الرسمي، وإلغاء وزارة الإعلام، وإنشاء هيئة إعلامية وطنية جامعة لكل الاتجاهات، منعاً لاحتكار وسائل الإعلام.