في كتابه الجديد «السعودية البديلة ــــ ملامح الدولة الرابعة» (دار التنوير ــ2011)، يحاول الباحث السعودي أحمد عدنان جمع مقالاته التي نشرها في جريدة «الأخبار» ( 2009 ـــــ 2011) وطرح من خلالها المشاكل والحلول لما يعتري الدولة السعودية من شيخوخة وأخطاء يجب تجاوزها لتأسيس ما سيعرف بـ«الدولة الرابعة». يوثّق الكاتب ما حدث على مدى ثلاثين عاماً من دعوات الإصلاح في المملكة: سيطرة الوهابية والدين على مجريات الدولة، والتمييز الطائفي، وقضايا الإرهاب التي ضربت المملكة، وفشل الحل الأمني في معالجتها، والسياسة والدين وحقوق الإنسان والمواطنة في السعودية، والتطرف والإرهاب والفتاوى في ظل قمع الصحافة الحرة في بلد طالما نادى بخصوصيته. قدَّم للكتاب الروائي السعودي المعروف تركي الحمد، متناولاً مشروعية دعوات الإصلاح وحاجة المجتمع الملحة إليها في دولة بلغ عمرها مئتي سنة، ومذكّراً بأنّ ما حدث في دول «الربيع العربي» جاء نتيجة تجاهل هذه الدعوات. وليست دول الخليج في منأى عن شرارة الثورة باعتبارها جزءاً من منظومة عربية وعالمية، لكن ما يمنع تحقّقها هو جملة عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية، ولا سيما في السعودية حيث تؤدي الثقافة الدينية دوراً كبيراً في تحريم التظاهر والخروج على الحاكم.

الدولة السعودية الرابعة أو البديلة التي عناها أحمد عدنان هي دولة القانون وحقوق الإنسان، متبنياً شعار «الشعب يريد إصلاح النظام» الذي بدأ يخرج على الساحة السعودية في ظل الربيع العربي، بالتزامن مع بيانات الإصلاح التي بدأت تظهر منذ فترة طويلة، ما قد يحوّل هذا المطلب السلمي إلى حاجة بدأت تظهر في دول عربية
عدة.
إلا أنّ الكاتب بدا مهادناً للسلطة في هذه الفكرة. مطلب الإصلاح بالنسبة إليه، لم يرقَ إلى إسقاط النظام كأنه يقول إنّ أي تغيير في المملكة لن يصل إلى مطلب إسقاط الأسرة الحاكمة، بل إنّ أيّ تحول لا بد من أن يحدث تحت سقف بقائها في الحكم.
كتاب أحمد عدنان لم يقدم نظرة شاملة إلى الواقع السعودي؛ إذ ارتبطت المقالات بأحداث معينة، ما ترك طابعاً اجتزائياً على معظم الفصول وخلّف الكثير من الأسئلة في ذهن القارئ. أضف إلى ذلك، تبنّي الكتاب خطاباً يقوم على الإصلاح الآني من دون إحداث أي تغيير جذري يمنح المجتمعات حريتها.