صدور البيان الإصلاحي الأخير في السعودية في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) 2011 سبّب بلبلة في المملكة. طالب البيان بإطلاق سراح إصلاحيي جدّة المتهمين بقضايا إرهابية ومحاولة قلب نظام الحكم. ورفض البيان الحل الأمني في منطقة القطيف، مطالباً بإنشاء لجنة تحقيق في الأحداث التي وقعت هناك. وبادر إلى هذا البيان الحقوقي والناشط محمد سعيد الطيّب (1939) مع أكثر من ستين مثقفاً وحقوقياً سعودياً. وكان هذا أول بيان يدين الدولة بجرم انتهاك حقوق الإنسان، والسجن التعسفي لأشخاص لم يخضعوا لمحاكمات عادلة. تعرّض البيان لحملات شرسة في الصحافة الرسميّة السعوديّة. رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» طارق الحميد اتهم الإصلاحيين الموقعين على البيان بأنهم «لوبي إيراني في السعودية». «انقلابيون، مؤيدون للتدخل الخارجي، داعمون للإرهاب، وأصحاب أجندات خارجية، بياناتجية»، اتهامات «تفنّن» بعض الصحافيين ورجال الدين في إطلاقها على موقعي البيان الاصلاحي. الإعلام الواقع تحت سيطرة الدولة، لا يتمتع بالحرية أو سلطة النقد، في مرحلة تمرّ خلالها المملكة بفترة توتر شديد في ظلّ انتشار حمّى الربيع العربي في المنطقة.
لكنّ محمد سعيد الطيب ردّ عليها بثلاث عشرة تغريدة على تويتر، ندّد فيها بهجمة مَن وصفها بـ«الجوقة الصحافية»، رافضاً مبدأ التخوين، مطالباً الجميع بالتمسك بالوحدة الوطنية.
لكنّ الأجهزة الرسميّة صعّدت المعركة مع الحقوقي العتيق، حين منعته من السفر إلى القاهرة في الخامس من كانون الثاني (يناير) الحالي، لحضور حفلة زفاف ابنته زهراء. كانت تلك عقوبته على توقيعه بيان الإصلاحيين، بهدف الإفراح عن معتقلي جدة وأحداث القطيف. بعد تلك الحادثة، تعرض الطيّب لأزمة قلبية حادة، أدخل على أثرها إلى المستشفى، حيث رقد أياماً عدة قبل خروجه منها أخيراً. هذه الأزمة،خلّفت ردود فعل كثيرة في الشارع السعودي انعكست تغريدات على تويتر، إذ أعلن العديد من المثقفين غضبهم للحادث المؤسف الذي تعرّض له الطيّب.
الحقوقي المعروف الذي يُعدّ «الأب الروحي لليبراليين» في المملكة، يتماثل حالياً للشفاء. هذا الأديب والناشر والمحامي والناشط السياسي من أوائل الذين طالبوا بالحوار الوطني. وكان قد صدر له كتاب «مثقفون وأمير» (المركز الثقافي العربي ــــ 2010). من خلال موقعه كرئيس لـ «شركة تهامة الإعلامية»، شارك في نشر أغلب الإنتاج الأدبي الرائد في السعودية، كما يدير صالون «الثلوثية» الثقافي في مدينة جدة، مستضيفاً فيه أبرز المثقفين من داخل المملكة وخارجها.