منذ زواجها وهي تسكن في الطبقة الخامسة من ذلك المنزل. حي مكتظ بالسكّان، تتجاور فيه الأبنية حتى الالتصاق. لشقتها شرفة كبيرة، مطلّة على الشارع وعلى شرفات الأبنية المقابِلة. أما ميزة شرفتها، فهي أنها تستقطب أشعة الشمس طيلة النهار. لكنّها وضعت ستائر على الشرفة لأنّها لم تكن تتحمل اقتحام خصوصيتها وتشريع حياتها للجيران. في كل صباح، كانت تعدّ الفطور لأطفالها وزوجها قبل أن يذهبوا إلى مدرستهم وهو إلى عمله. وقبل أن تشرع بتحضير الغداء، تخرج قليلاً إلى الشرفة. تبقي الستائر مغلقة باستثناء شق واحد تخرج رأسها منه وتتأمل الحياة حولها.
إصرارها على وضع الستائر كان هدفه فقط الاستمتاع بتلك اللحظة اليوميّة. لم تهتم يوماً بتفاصيل ما تراه. لكن ذات يوم، خرجت لتسترق النظر من الشرفة، فاسترقتها عدسة الكاميرا! ذلك ما يتخيّله الواقف أمام صورة هوري أغيليان، فما هي الصورة سوى لحظة يتم خطفها وتجميدها في الزمن، ثم يُترك للمشاهد أن يرى فيها الضوء، والتركيبة، والألوان، والرواية خلفها؟ رواية قد لا تمت للحقيقة بصلة، لكنّها وليدة تفاعل خيال المشاهد مع عناصر الصورة. كذلك هي الصور الأخرى التي نشاهدها في معرض «فسيفساء» الذي تحتضنه «دار المصور». صور موقَّعة بعدسات مصورين عديدين، تحمل كلٌّ منها قصة أصبحت معلّقة في الزمن، وفتحت الباب على تأويلات الخيال.
يشارك في المعرض 30 مصوراً هاوياً ومحترفاً جاءت أعمالهم ثمرة ورشة عمل نظّمتها «دار المصور» وتضمّنت فن التصوير، والعمل على الصور بالأبيض والأسود، والصورة الرقمية، والبرامج الإلكترونية، والتحميض والتظهير والأرشفة. المشاركون كانوا قد زاروا أيضاً مناطق عدة في لبنان للتدرّب والتقاط الصور مثل طرابلس، وجبيل، وصور، وصيدا، والبقاع ومناطق عدة من بيروت. كذلك، اتخذوا من ثيمات معينة مظلةً لشغلهم كعمالة الأطفال التي نلحظها في إحدى صور ليليان رحال.
صور فوتوغرافيّة تتوزع بين الأسلوب الشخصيّ والصحافيّ، وأخرى أشبه بالبطاقات البريديّة، تتضمن بعض البورتريهات وصوراً للطبيعة. تنوع الأساليب، والخيارات الفنيّة، والمواضيع المعتمدة من المصوّرين، ما دفع منظمي المعرض إلى اختيار صورتين أو ثلاث لكل مشترك، وعرضها تحت عنوان «فسيفساء» الذي جمع كل تلك الأعمال بأجزائها لتشكّل روح المعرض.



«فسيفساء»: حتى 3 شباط ـــ «دار المصوّر» (الوردية ـــ بيروت) ـــ للاستعلام: 03/241638