دمشق | سبق لعثمان جحا أن قدّم مجموعة من السباعيات، ثم عمل معالجاً درامياً لأكثر من مسلسل مهم مثل «شجر الدرّ»، فيما كان أبرز أعماله مسلسل «صدق وعده» (2009) الذي أنتجته mbc. وفي العام الماضي، أنهى السيناريست السوري الشاب نص مسلسل «رابعة العدوية»، وسلّمه لشركة «ميراج للإنتاج الفني»، التي تملكها نسرين طافش، على أن تقوم هذه الأخيرة ببطولة العمل، إلا أنّ الأوضاع السياسية حالت دون إنجاز العمل، الذي تعكف الشركة المنتجة حالياً على الإعداد لإنتاجه بهدوء. وبعد تسلّم سيناريو المسلسل، أجمع صنّاع العمل على أن النصّ مكتوب بطريقة جيدة، تحمِل جزءاً من التشويق، وتطرح القصة التاريخية بطريقة جديدة تقارب الواقع وتخفف من ثقل اللغة التاريخية.

«أثناء كتابة العمل، حاولت التعامل مع الشخصيات التاريخية بمنطق يقترب من اللغة المعاصرة على اعتبار أن شخصيات المسلسل بشر مثلنا، ولو اختلف الزمن الذي عاشت فيه» يقول عثمان جحا في حديثه مع «الأخبار». ويضيف: «أتمنى أن ينجز العمل في أسرع وقت لأنه سيحقق نقلة بالنسبة إلي، وكذلك بالنسبة إلى الدراما التاريخية، على اعتبار أنه يقدم التاريخ بطريقة جديدة اجتماعية تاريخية».
لكن في ظل هذه الظروف وبعد هبوب رياح الربيع العربي، وزلزلة المنطقة، وسقوط الأنظمة، إلى أيّ حد سيهتمّ المشاهد بالعودة إلى التاريخ والوقوف على الأطلال؟ يجيب جحا: «لا يعدّ هذا العمل تقليلاً من شأن ما يحدث في المنطقة، لكن يجب على صنّاع الدراما التنويع في ما يقدمونه». ويؤكّد أن الدراما العربية لا تستطيع حالياً التطرّق إلى موضوع الربيع العربي «لأن الصورة لم تكتمل بعد... وخصوصاً بالنسبة إلى سوريا، بما أننا لا نملك معلومات موثقة عن حقيقة ما يحصل على الأرض».
من جهة أخرى، يبدو صاحب «صدق وعده» من أكثر الكُتّاب السوريين انشغالاً. هكذا، يعكف على كتابة مسلسل «الزوال» مع الكاتب والمخرج المسرحي أحمد كنعان. ويبحر هذا العمل في حكايات اجتماعية معاصرة تلامس جانباً من الواقع السوري بطريقة جريئة جداً، وتركز على فكرة الوجود والعدم، وعدم وجود حقيقة ثابتة ومطلقة في هذا الكون. عن هذا المسلسل، يقول: «سيكون العمل حساساً ومهماً، وأتوقع أن يحقق حضوراً لافتاً»، فيما يعكف مع كنعان أيضاً على كتابة مسلسل شامي بعنوان «القنوات» كاسم مبدئي لمصلحة قناة mbc، على أن تؤدي شركة «كلاكيت» دور المنتج المنفذ. وتدور أحداثه بعد انسحاب الجيش العثماني من الشام، ثم وصول الجيش العربي، والفراغ الذي شهدته دمشق بين الحدثَين.
وسط ذلك، يستمر في صياغة أحداث مسلسل «دامسكو» مع الكاتبة السورية الشابة لبنى مشلح. وهو عمل قدّم فكرته المخرج المثنى، الذي سينجزه أيضاً. وتدور أحداثه حول مجموعة من أصحاب المهن الدمشقية القديمة التي هُدِّد بعضها بالانقراض نتيجة الاستيراد والصناعات المتطورة، مع التعريج على واقع أصحاب هؤلاء المهن من خلال حكايات إنسانية يعيشونها في دمشق.
من جهة أخرى، سبق لجحا أن ظهر مع المنتج أيمن الذهبي قبل عامين للحديث عن نيته كتابة مسلسل «لو تعرفوا»، الذي يروي سيرة الفنانة السورية أصالة نصري، وطليقها أيمن الذهبي. ثمّ جاءت تصريحات أصالة الأخيرة المناهضة للنظام لتساعد الذهبي على العودة إلى فكرة إنجاز المسلسل. وبالفعل تردّد أنه سيدخل في شراكة مع «سوريا الدولية». هكذا بدأ جحا بكتابة سيناريو مفصّل، ورُشِّح سيف الدين السبيعي لإخراج المسلسل، لكن الأخير اعتذر، تبعه اعتذار الكاتب أيضاً رغم تجميعه وثائق عدة ومجموعة من الشهادات لأشخاص كانوا على علاقة بأصالة وزوجها السابق، وإنجازه حوالى خمس عشرة حلقة. «الفكرة التي جذبتني هي الدخول إلى عالم النجوم، والتركيز على الطريقة التي يمكن أن يتعامل بها الزوجان إذا كان أحدهما مساهماً في نجاح الآخر... لكن بعد مرور وقت، أحسست بعدم جدوى هذه الفكرة، وخصوصاً في ظل الظروف الحالية» يقول جحا، مضيفاً «اختلفت معايير تقويمي للعمل، على اعتبار أن هناك شيئاً أهم». أما عن اعتذار سيف الدين السبيعي، فيقول: «مع احترامي لرأيه إلا أنه لو لم يكن لديه سوى هذا المسلسل لنفّذه، وقد ابتعد عن العمل لحساسيته»، فيما يؤكد أن «لو تعرفوا» قد وصل إلى طريق مسدود، ولن يرى النور على الأقل في هذا الموسم.
هكذا، يبدو عثمان جحا من أكثر الكتّاب السوريين حيوية في هذا الموسم، رغم الأزمة السياسية وبعض الأزمات الخاصة، إلا أنّه يصر على إنجاز أعماله وتسليمها في الوقت المناسب، ليكون الموسم الحالي بمثابة نقلة نوعية له، تأخذه ربما إلى مصافّ أهم الكتاب السوريين. وما يعزّز هذه الفرضية أنه قد يصل قريباً إلى اتفاق مع محطة خليجية لتحويل بعض الشخصيات والأحداث التاريخية إلى سلسلة دراما تعرض على نحو متلاحق ومستمر.