الجزائر | يبدو أن السلطات الجزائرية بدأت تبتكر أساليب جديدة للضغط على الإعلام. وآخر الضحايا كانت «الوطن»، أكبر الصحف الناطقة بالفرنسية في بلد المليون ونصف المليون شهيد. تلقّت إدارة المطبوعة رسالة من صندوق الضمان الاجتماعي يطالبها فيها بتسديد مبلغ قيمته 220 مليون دينار جزائري (ما يقارب ثلاثة ملايين دولار) تعويضاً عن «مؤخّر تأمين الكتّاب المتعاملين بالقطعة، والمتعاونين المؤقّتين للفترة الممتدّة بين 2005 و 2011».
في حديثه مع «الأخبار»، استنكر مدير الجريدة عمر بلهوشات «الضغوط السياسية التي يمارسها النظام ضد الصحيفة لمنعها من إظهار الحقائق بشأن الإدارة المفلسة للبلاد»، مضيفاً أنّ «السلطة استخدمت أسلوبها القديم في الضغط على الصحف التي تزعجها. كانت في البداية تستعمل وسائل ضغط مختلفة مثل المطابع الحكومية، وشركات الإعلانات، وإدارة الضرائب... وهذه المرة استخدمت صندوق الضمان الاجتماعي سلاحاً ضدنا لأننا مستقلون بمطبعتنا، وإعلاناتنا، وملفنا الضريبي نظيف...».
تأتي الضغوط بعد سلسلة تحقيقات نشرتها الصحيفة «تناول أحدها التلاعب في اللوائح الانتخابية، كما نشرنا تحقيقاً آخر يكشف أن تغطية نفقات العلاج الخارجي حكر على المنتسبين إلى الإدارة العليا ولعائلاتهم» يقول بلهوشات. ويضيف أن «النظام يريد أن تبقى ممارسات مماثلة في الدهاليز، ولا تظهر للجمهور». هكذا يرجّح أن يكون هذان التحقيقان سبباً مباشراً لهذه الحملة، ويقول إن هيئة الضمان الاجتماعي نفسها أكدت سابقاً أنّ العلاقة مع الجريدة جيدة.
ويذكّر بلهوشات بأنّ فرض هذه المستحقات المالية أمر غير قانوني، لأنّ مطلب تسديد مستحقات عن الصحافيين الذي يعملون بالقطعة سبق أن طرح للنقاش قبل ثلاث سنوات، لكن الحكومة تراجعت عنه بعد اجتماع بين ملّاك الصحف ووزير العمل الطيب لوح، انتهى باتخاذ الوزير قراراً بطرد مدير الضمان الاجتماعي في العاصمة لتسبّبه بـ«هذا الإزعاج». ويقول إنّ أغلب الصحافيين الذي يتعاونون تعاوناً غير ثابت مع الصحيفة هم موظّفون في أماكن أخرى بدوام كامل، وبالتالي، فإن هذه المؤسسات تدفع عنهم مستحقات الضمان.
ويذكر أنّ فريقاً من الخبراء يعمل على إعداد وثيقة طعن بمطالب الضمان الاجتماعي بالطرق القانونية، على أن تقدّم خلال أسبوعين حسب عمر بلهوشات، وربما دخل الطرفان في معركة قضائية طويلة الأمد.
ضغوط
في عام 1990 ألّفت مجموعة من الصحافيين ما يشبه التعاونية التي أطلقت صحيفة «الوطن». وتعرضت هذه الأخيرة للتوقيف مرات عدة حين كانت تُطبع في المطابع الحكومية. أما الأسباب فكانت طبعاً سياسية وإن غلّفها النظام بحجج تقنية ومالية، مثل «التأخّر في دفع تكاليف الطبع». لكن قبل عشر سنوات، دخلت «الوطن» في شراكة مع صحيفة «الخبر» للطبع في مطبعة مستقلّة، وهو ما ساعد الجريدتين على التخلّص من بعض الضغوط. وحتى الساعة، لا تستفيد أيّ من المطبوعتين من الإعلانات الرسمية، وبالتالي فإنهما تعتمدان فقط على القطاع الخاص، كما يؤكّد مدير «الوطن» عمر بلهوشات.
1 تعليق
التعليقات
-
الرئيس بوتفليقة لا يريد صحافة حرة ولا إعلام مستقلهذا ظلم بواح ويخالف السياسة المعلنة عندما كان النظام تحت ضغط المعارضة، لكن وبعد أن ضمن أصحاب القرار أن المعارضة أكثر تشتتا اليوم مما كانت عليه قبل الإصلاحات الشكلية الأخيرة هاهم يبادرون لتكميم الأفواه. كذلك هذه الأساليب القمعية ضد حرية التعبير تخالف كل الأعراف والقوانين الدولية المتعلقة بالإعلام وحقوق الإنسان. لماذا لم يفكر هؤلاء في استعادة ملايير الدولارات التي نهبت. أيضا هذه السياسة توضح بجلاء أن النظام لا يقبل الترقيع وإنما يتطلب التغيير والقلع الجذري. أعتقد أن الأمور قد تتحسن بعد مغادرة بوتفليقة السلطة، بعدها يمكن فتح مجال حرية الصحافة بجدية. لماذا بوتفليقة يكره حرية الصحافة أمر غير مفهوم بالنسبة إلي.وشكرا.