القاهرة | أول من أمس الأحد، كان يُفترض أن تبثّ قناة «بي. بي. سي عربية» مقابلة مسجّلة مع المرشّح المحتمل لرئاسة الجمهورية المصرية، رئيس الحكومة السابق أحمد شفيق، لكنّ ذلك لم يحصل، إذ صادر المسؤولون عن حملة شفيق الانتخابية الأشرطة التي سجّلت عليها المقابلة فور انتهاء اللقاء. وقد قال مصدر من داخل مكتب المحطة البريطانية في القاهرة لـ«الأخبار» إن «ميليشيا الفريق أحمد شفيق، المرشح لرئاسة الجمهورية، أرهبتنا وسبّتنا، قبل أن تصادر شريط اللقاء الذي أجريناه معه». ويضيف إنّ شفيق كان حاضراً أثناء مشادة كلامية حصلت بين فريق المحطة والمسؤولين عن حملته الانتخابية واستمرت قرابة ربع ساعة، «انقلب 360 درجة، اختفت ضحكته الصفراء، وظل ينظر إلى مدير حملته محمود بركة قبل أن يهددنا بقوله: خلاص، أنا اللي أقول، الحوار يتنشر ولا لأ، مفيش حوار، مع السلامة». وبعد انسحاب شفيق، صادر رجاله الشريط وطلبوا من فريق المحطة مغادرة فيلا المرشح الرئاسي الواقعة في منطقة التجمع الخامس في القاهرة.
ووفقاً لرواية المصدر نفسه، فإن شفيق «امتدح الرئيس حسني مبارك، وقال إنّه حزين جداً لأن هذا الرجل العسكري الشجاع يقبع في قفص الاتهام بهذا الشكل الجارح. الرئيس أخطأ عندما ترك نجله جمال مبارك يدير الأمور بحرية كبيرة». أما عن المشير حسين طنطاوي، فقال «لا أعتقد أنّه أدار المرحلة الانتقالية الحالية على نحو جيد. المجلس العسكري ارتكب أخطاء، وأضرّ بسمعة الجيش. المشير رجل لا يملك خبرة في عالم السياسة، وأنا أعتقد... لكن هل يمكن إلغاء هذا السؤال؟». هنا توقّف الحوار، وتدخّل مدير حملة شفيق. ويشير المصدر إلى أن رئيس الحكومة السابق «بدا كأنه خائف، وطلب إعادة السؤال ليجيب على نحو مختلف، لكن خالد عز العرب (الذي كان يجري المقابلة) رفض ذلك».
وأصدرت «هيئة الإذاعة البريطانية» بياناً جاء فيه أن «أعضاءً في الحملة الإعلامية للفريق أحمد شفيق، وعلى رأسهم مديرها محمود بركة، صادروا أشرطة تحتوي على تفاصيل الحوار الذي أجرته القناة مع رئيس الوزراء السابق... تحتوي التسجيلات المصادرة حواراً امتد أربعين دقيقة، تحدّث فيها شفيق عن الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي عينه رئيساً للوزراء. كذلك طرح رؤيته لمستقبل المشير حسين طنطاوي عقب تسليم السلطة للمدنيين». وجاء في البيان أيضاً أنّ أعضاء حملة شفيق قالوا «لو أذيعت هذه المقابلة كاملة قبل الخامس والعشرين من يناير فستتسبب في كارثة». مصادر من حملة شفيق قالت إنه بدا متلعثماً أثناء الإجابة عن الأسئلة، وإنه لم يكن حاسماً في إجاباته، ما دفع مدير الحملة محمود بركة إلى اتخاذ هذا الموقف، حرصاً على صورة المرشح الرئاسي المحتمل.
من جهته، ذكر الأمين العام لنقابة الصحافيين المصريين كارم محمود أنّ الاجتماع المقبل للنقابة سيناقش ما حصل بهدف اتخاذ موقف حاسم من حملات الاعتداء على حرية الصحافة في الفترة الأخيرة.
وفي انتظار صدور موقف عن النقابة، أعادت هذه الحادثة إلى الأذهان الفيديو الذي انتشر على يوتيوب أخيراً، ويظهر أحمد شفيق أثناء مقابلة مع عمرو أديب. الشريط الذي لا تتجاوز مدّته الدقيقة، يظهر تلعثمّ شفيق حين سأله أديب عن موقف حسني مبارك من المشير أثناء تأليف حكومته. وقد سخر كل من شاهد الشريط من موقف شفيق وخوفه من قول الحقيقة.
وفي ظلّ كل ما سبق، يبقى السؤال الأبرز: إذا كان شفيق عاجزاً عن تحمل مسؤولية تصريحاته التلفزيونية، فكيف سيتحمل مسؤولية بلد بحجم مصر إذا أصرّ على الترشّح للانتخابات الرئاسية؟