فرويد كان معقّداً، وكان يكره كارل غوستاف يونغ. هذا الأخير، كان معقّداً بدوره. رأى مرةً حلماً غريباً: طيفٌ لكائن هلامي يحوم في الجوار. على السفينة التي حملتهما إلى الولايات المتحدة، أسرّ يونغ إلى فرويد بالحلم، فأدرك فرويد الكهل، نيّة الطبيب الشاب بقتله مزاجياً، بمعنى «قتل الأب». خرجت خلافات الرجلين إلى السطح منذ ذلك الحين. فرويد يخشى على سطوته ونفوذه من يونغ، ويونغ يريد أن يثبت نظرياته الجديدة بعيداً عن الدائرة الفرويديّة المحصورة بالتفسيرات الجنسيّّة للرغبة البشريّة.
في «طريقة خطيرة»، يأخذنا دايفيد كروننبرغ إلى النمسا مطلع القرن العشرين. بين زوريخ وفيينا، نسج الأبوان المؤسسان لعلم النفس علاقة صداقة، مبنيّة على المراسلات، والزيارات، تحوّلت لاحقاً إلى شبه عداوة علميّة وشخصيّة. الشخصيّة المحوريّة في شريط السينمائي الكندي، كانت هامشيّة في المرحلة التاريخية التي يسردها الفيلم. لكنّ أثرها في حياة يونغ كان كبيراً، وتركت مؤلفات مثّلت أساساً لدراسة ما عرف بنزعة الموت في علم النفس. الحديث هنا عن سابينا شبيلراين، الطبيبة والمحللة النفسيّة الروسيّة التي تؤدي دورها هنا كيرا نايتلي. بين فيغو مورتنسون بدور فرويد ومايكل فاسبندر بدور يونغ، جهدت الممثلة البريطانيّة الشابة لتبدو مقنعةً بأداء شخصيّة مريضة هستيريّة، تدخل مصحاً عقلياً. ابنة التاسعة عشرة من عائلة يهوديّة غنيّة، تعاني اضطرابات كثيرة في النطق والحركة، وسيتولّى يونغ علاجها وفقاً لتعاليم فرويد، قبل أن تصير تلميذته وعشيقته. «طريقة خطيرة» مأخوذ عن مسرحية لتشارلز هامبتون، لهذا تتسرّب إليه الكثير من الإطالات الحواريّة، والنقاشات الذهنيّة. لكنّ الموضوع، أي التحليل النفسي، يحتمل إطالات مماثلة، وخصوصاً حين يذهب النقاش إلى تفكيك عقد الشخصيات: سابينا هستيرية لأنّها مكبوتة جنسياً، يونغ يتخذها عشيقةً لأنّه مكبوت جنسياً، فرويد يكره يونغ لأنّه مكبوت جنسياً، مع إحالة مضمرة في الشريط إلى وجود حساسيّة بين الرائدين بسبب اختلافهما الديني (يهودي/ بروتستانتي)، والطبقي (فقير/ بورجوازي). يفعل كروننبرغ ذلك من دون فلاش باك، أو إحالات على ماضي الشخصيات، أو لجوء إلى نبرة الحلم. يختار كاميرا محايدة، تتعاطى مع الشخصيات كما في كلّ أفلامه الأخرى، حيث المنفذ إلى جراح الداخل هي الندوب المتروكة على الجسد.



A Dangerous Method: صالات «أمبير»