لم نتعمّد في الحقيقة متابعة نشرة أخبار mtv ليلة الخميس. كل ما في الأمر أننا أخذنا برنامج «حديث البلد» متأخرين، آتين من «عند رابعة» على «الجديد»، ثم بدأت النشرة فبقينا، وواصلنا المشاهدة. كانت رابعة الزيّات تجهد لبثّ شيء من الحيويّة في صالونها، بين أنطوانيت عقيقي التي تجذب الكاميرا ببسمتها العفويّة وخفّة ظلّها، ووزير السياحة فادي عبّود الذي بدا ـــــ على الموقع النقيض ـــــ كأنّه يغالب النعاس، في اليوم نفسه الذي بتّت الحكومة ملف تحسين الأجور... (علماً بأن الحلقة سابقة على الجلسة، هذه مشكلة البرامج المسجّلة).
عند منى أبو حمزة أيضاً الأمور على ما يرام، ليتها فقط لا تكثر من استعمال الكلمات الفرنسيّة التي لا يفهمها جارنا «أبو شربل». ابتسمنا لبعض قفشات ميشال أبو سليمان في دور «السقيل»، حرصاء على عدم مقارنته بـ لوران بافي، زميله في النسخة الأصليّة من برنامج تييري أرديسون الشهير الذي أحسنت mtv اقتباسه على المقاسات المحليّة (magnéto باسم كريستو!).
فجأة صدح جنريك الأخبار. ياه... هذه منى صليبا بالجاكيت الحمراء، وإلى جانبها روبير النخل الذي يتهيأ للهجرة إلى «سكاي نيوز». حسناً، لنبق حيث نحن إذاً. انهالت علينا منى بالمقدّمة (ومقدّمة النشرات كارثة من كوارث الإعلام المرئي في لبنان). «بما أن الدولة عبر حكومتها تدار بذهنيّة الصفقات، لم ير ملف تصحيح الأجور النور إلا بصفقة بين الرئيس ميقاتي والعماد عون». (طيّب، ماشي). بعد ذلك جاء «المازوت الأحمر المدعوم الذي تزكم رائحته الأنوف» (بسيطة). واستأنفت منى: «كل ذلك يحصل ومدافن «مجزرة» فسّوح لم تهضم ضحاياها بعد» (آخ!). كل ذلك والأخبار لم تبدأ بعد. الخبر الأوّل عن الأبنية المتصدّعة في لبنان، ويتضمّن ريبورتاجات مع الأهالي الناطرين «أن يعطونا ٣٠ مليوناً، ويضعونا في البرّاد (برّاد الموتى)، ويجعلونا ندفع إيجار البرّاد» كما قالت سيّدة مسنّة تلبس الإيشارب. طيف الشيخ نديم (الجميّل) المتحدّث باسم الشعب الغلبان يخيّم على هذه الفقرة، حتّى ليشعر المشاهد أنّه أمام دانيال كوهين بنديت، أو شيء من هذا القبيل (عادي). الخبر الثاني عن «العنف والقمع ضدّ المعارضة السوريّة» و«الجيش الحرّ (الذي) يحظى بمزيد من التأييد الشعبي» (مفهوم)، مع وقفة عند ألان جوبيه نصير الديموقراطيّة العربيّة، وأخرى عند وليد بيك الذي قال لـ«الجزيرة» خلال زيارته لأمير قطر (سبونسور الثورة العربيّة)، إن «ما يهمّه هو الشعب السوري لا النظام» (حلوة!). فكّرنا: لا مفاجآت كبرى حتّى الآن... لكنّ الخبر الثالث سيجعلنا نغيّر رأينا. وقد جاء لأهميّته قبل زيارة أحمد فتفت لمعراب، لمناقشة القانون الانتخابي، مع لقطة مقرّبة على وجه جورج عدوان (عجباً: إنّه يشبه أكثر فأكثر الدكتور جوزف منغيلي في أحد الأفلام عن الحرب الثانية).
الخبر الثالث سبق من النوع الاستثنائي: «تقرير خاص» عن «مساع إسرائيليّة لتعقّب عناصر حزب الله حول العالم». أخيراً، خبطة صحافيّة حقيقيّة. يبدو أن هناك قلقاً إسرائيليّاً من «تعاظم قوّة حزب الله (...) ومحاولاته لتنفيذ عمليّات ضدّ إسرائيل في أجزاء شتّى من العالم». نعم، مراسل الـ mtv في «إسرائيل» مجدي الحلبي عنده الخبر اليقين. الإعلامي الذي خدم في الجيش الإسرائيلي يعرف عمّا يتكلّم، وسيدعم هذه المعلومات الخطيرة بشهادة من د. ميخائيل فيدلافسكي «الخبير في معهد شاليم للأبحاث الاستراتيجيّة» (الدبلجة تحرمنا سماع كلامه بالعبريّة): «التحرّك صعب في إسرائيل، لذلك يبحثون عن أهداف في أوروبا وأفريقيا». كمشهم الدكتور فيدلافسكي. وأضاف مواطنه مجدي الحلبي: «لا يمكن حماية المصالح الإسرائيلية كل الوقت في كل مكان» (الله يبشّرك بالخير!). ما الحل إذاً للحدّ من «نشاط حزب الله لتنفيذ عمليّات انتقاميّة ضدّ إسرائيل»؟ مراسل المحطة اللبنانيّة يكشف لنا الخطّة: «الاستخبارات الإسرائيلية فرزت وحدة خاصة لرصد الأموال والمعدّات والعقول والأفراد، لتعقّب عناصر حزب الله، مع العلم بأن أعدادهم قليلة، لكن انتشارهم في العالم واسع جدّاً» (أوف!). ضيفه الثاني روني شاكيد، محرر الشؤون العربيّة في «يديعوت أحرونوت»، يتحدّث بعاميّة فلسطينيّة مكسّرة: «أنا بفكّر إنّو الحكي برضو بيهدد، والتهديد هادا بيقدر يجيب توتّر ومشاكل في المانتيكا».
شكراً منى ومنى، لو لم نتعقّبكما لما وصلنا إلى هذا الاكتشاف. إعلان للجيش الإسرائيلي تبثّه محطّة لبنانيّة، لا تخجل بمراسلها «الإسرائيلي» الذي يتحدّث على المكشوف، ولا بمصادره الأمنيّة الإسرائيليّة. هل قلت: نزع سلاح المقاومة؟



من رسالة مجدي الحلبي

«قلق إسرائيلي من تعاظم قوّة حزب الله في لبنان، وتجنيده خلايا في الداخل الإسرائيلي، وازدياد محاولاته لتنفيذ عمليات ضدّ إسرائيل في أجزاء شتّى من العالم. كانت آخر هذه العمليّات (…) محاولة في تايلاندا لتنفيذ عمليّة ضدّ إسرائيليين هناك، وقبلها في بلغاريا محاولة أفشلت أيضاً (…) إسرائيل تحاول في كل مكان، في البرّ وفي البحر، مواجهة تحديات حزب الله. فالحراسة على منشآت النفط والغاز، في البحر المتوسّط، أصبحت الشغل الشاغل لسلاح البحريّة الإسرائيلي (…) وجهاز خاص أقيم لمتابعة كلّ المعلومات عن حزب الله، ومراقبتها وتحليلها.