الجزائر | كان ينقص فقط حضور رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ليكتمل مشهد الاحتفال بالحدث الإعلامي «الكبير» الذي شهدته الجزائر مطلع السنة الجديدة. المناسبة التي حضرها وزير الإعلام، ووزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، ووزير الشباب والرياضة، لم تكن إطلاق أول قناة تلفزيونية خاصة في الجزائر، بل افتتاح محطة إذاعية جديدة تُضاف إلى شبكة الإذاعات الرسمية التي يزيد عددها على الخمسين.الإذاعة الجديدة هي «جيل أف. أم» الموجّهة إلى شريحة الشباب التي تمثّل القسم الأكبر من الشعب الجزائري. المشكلة الحقيقية ليست في إطلاق محطة جديدة، بل في العقلية الإعلامية الرسمية التي تجاوزها الزمن. ويبدو جلياً أن المشرفين على المشهد الإعلامي لم يستوعبوا بعد الثورات والطفرات المتلاحقة في مجال الميديا. وهو ما يجعلهم يكتفون بالصوت فقط لمخاطبة العالم و«جيل الفايسبوك»، بينما يركن التلفزيون الرسمي بقنواته الثلاث إلى الخمول والاستقالة من أي دور إعلامي في الداخل أو الخارج، مكتفياً بتسويق «بضاعة رديئة في ورق سيّئ»، حتى بات الأكثر رداءة في المنطقة، بعد اختفاء تلفزيون الجماهيرية الليبية البائد.
أما «جيل أف أم» الموجّهة إلى الشباب، فـ«ستمثل فضاءً مهماً للتعبير الحر عن واقع الشباب الجزائري وتطلعاته...»، كما يقول وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار، بينما اعتبرها زميله في الحكومة وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال موسى بن حمادي «مكسباً إضافياً في خدمة الشباب».
من جهته، بدا وزير الإعلام ناصر مهل واثقاً تماماً بأنّ الإذاعة التي تخصص 65 في المئة من بثّها للموسيقى «ستُثري المشهد الإعلامي... وتؤدي دوراً مهماً في مجال الثقافة، وستسهم في تثمين التراث الموسيقي الجزائري بكل أنواعه، من دون أن يمنع ذلك من الانفتاح على الثقافة الأخرى». كذلك كشف الوزير عن رفض أول ملف لفتح قناة تلفزيونية وإذاعية خاصة، بحجة أنّه «لم يستوفِ الشروط المحددة». وهو ما يؤكّد أن التوجه لإنشاء قنوات تلفزيونية خاصة يسير بوتيرة بطيئة، بعدما كلف هذا الخيار الجزائريين التأخر سنوات ضوئية عن باقي الدول في مجال الإعلام.
ووسط الجدل المُثار حالياً بشأن مسألتَي رفع أجور الصحافيين وفتح قطاع السمعي والبصري، شنّ وزير الإعلام هجوماً حاداً على رئيس «اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان» فاروق قسنطيني، متّهماً إياه بالبحث عن الشهرة على حساب الصحافيين. وكان قسنطيني قد قال إن قانون الإعلام الجديد «لا يستجيب للاحتياجات التي عبّر عنها الإعلاميون».
وبعيداً عن الجدل السياسي بشأن قانون الإعلام، فإن «جيل أف. أم» قد تنجح في حجز مكانة لها في أوساط الشباب الجزائري بعد تراجع إذاعة «البهجة» الشهيرة التي تمكّنت في السنوات الماضية من استقطاب هذه الشريحة من الجمهور ببرامجها الموسيقية وفقراتها الحوارية، لكنها تحوّلت أخيراً وعلى نحو تدريجي إلى قناة تُعنى بشؤون العاصمة، وهو ما ترك فراغاً تحاول «جيل أف. أم» ملأه.