عشرة أشهر مرّت على قرار وزير الثقافة السابق عماد أبو غازي، القاضي بإعادة تأليف لجان «المجلس الأعلى للثقافة». الوزير السابق حدّد معايير تأليف اللجان الجديدة، وأهمّها أن تكون معبّرة عن الشباب والاتجاهات الفنية الجديدة. وجرى الاتفاق على انتخاب مقرّر اللجنة من الأعضاء المختارين، على أن يمتد ذلك الإجراء الديموقراطي إلى تأليف مكتب المجلس نفسه. وكان الهدف أنّ تجري هيكلة المجلس الأعلى للثقافة، ليصبح «سلطةً» رقابية على أداء الوزارة.  كلّ هذه المعايير ذهبت أدراج الرياح، بعد القرار الذي أعلنه أخيراً وزير الثقافة الحالي شاكر عبد الحميد، ويقضي بتأليف 22 لجنة (الشعر، والقصة، والفن التشكيلي، والمسرح، الكتاب، والنشر…). فقد فوجئ المثقفون بأن الوجوه التي عهدتها المؤسسة الرسميّة في العقدين الأخيرين على الأقلّ، لم تتغيّر تقريباً! وعاد الوزير إلى مبدأ تعيين مقرِّري اللجان، بدلاً من انتخابهم، ليعود أحمد عبد المعطي حجازي مقرراً (أبدياً) للجنة الشعر، وحسن حنفي مقرراً للجنة الفلسفة، إلخ.
أمّا الأعضاء الجدد، فلا تتجاوز نسبتهم الخمسة في المئة. والغريب أنّه لم تجرِ استشارتهم أصلاً بشأن هذا التعيين قبل اختيارهم. الإحساس بعدم وجود أيّ تغيير، وعدم سقوط النظام القديم، وإدارة الثقافة بالمنطق القديم ذاته، دفعت كثيرين إلى الاعتذار عن عدم قبول المشاركة في اللجان. 
موجة الاعتذارات بدأت مع التشكيلي عادل السيوي، تلاه الشاعر بهاء جاهي، ثمّ الكتّاب أحمد زغلول الشيطي، ومنصورة عز الدين، وسحر الموجي، والناقدة شيرين أبو النجا، والكاتبة سوسن بشير، والشاعرة فاطمة قنديل. الشيطي والموجي وعز الدين أصدروا بياناً أكدوا فيه أنهم فوجئوا باختيارهم أعضاءً في لجنة القصّة، معلنين رفضهم الانضمام إليها. وقالوا في بيانهم إنّ موقفهم نابع من «إيمانهم بأنّ دور المثقف لا يرتبط بالضرورة بمؤسسة ما زالت ترتبط بالنظام القديم، الذي قامت ثورة «25 يناير» من أجل تغييره». ومن جانبها، قالت فاطمة قنديل: «لم أتلقّ أي خطاب أو اتصال، يسألني عن رغبتي في الانضمام إلى لجنة الشعر أو عدمها». وأكّدت سوسن بشير: «قرأت اسمي مع من قرأه، ولم يجرِ الاتصال بي قبل أي مسؤول في المجلس».
المفارقة في التشكيلات الجديدة أنّ لجان القانون والاقتصاد ضمّت عدداً من أعضاء لجنة السياسات، الذين عملوا مع جمال مبارك. السؤال الأهمّ ليس فضيحة التشكيلات هذه، بل أهمية هذه اللجان في الأساس... فما الإضافة التي قدّمتها إلى الثقافة في مصر طوال السنوات الماضية؟