القاهرة | الزحمة أمام نقابة الصحافيين أول من أمس السبت فاجأت كثيرين. لم يتوقّع أحد أن يشهد المؤتمر الصحافي الذي أقيم لإطلاق «جبهة الإبداع المصري» هذا الحضور الكبير. لكنّ الواقع جاء ليخالف التوقعات، فحضر حشد كبير من المثقفين والفنانين والصحافيين إلى مقرّ النقابة للمشاركة في هذا الحدث، في خطوة تعكس القلق الذي يعيشه الشارع المصري من فرض قيود جديدة على حرية التعبير عن الرأي.
وقد ألقى الفنان محمود ياسين البيان الصادر عن الجبهة الذي تضمن تشديداً على أن «أهل الفن والإبداع من نسيج المجتمع المصري، هم أكثر الناس حرصاً على ثوابت المجتمع، والشعب المصري يرفض استخدامها ذريعةً للحد من الإبداع والفن والعلوم». وأضاف: «جئنا لنقف صفاً واحداً في وجه من يريدون إطفاء العقول، ولن نقبل بإرهاب العقول وتكفير التفكير واعتبار أن من يعارض المجلس العسكري خائناً، أو من يهاجم التيارات التي تصف نفسها بالدينية كافراً، لأننا جميعاً من أبناء هذا الوطن ونسيجه، ولن نسمح بأن تتهمنا الأجيال المقبلة بأننا فرطنا في حريتها».
لكن قبل هذا البيان، طلب المنتج محمد العدل من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت، حداداً على أرواح شهداء الثورة، وروح الأديب الراحل إبراهيم أصلان. ثمّ وُجِّهت تحية إلى الناشط أحمد حرارة الذي فقد بصره في ميدان التحرير، والناشطة سميرة إبراهيم صاحبة قضية كشف العذرية، وخديجة الحناوي المعروفة باسم «أم المعتصمين». ولعلّ كل ما سبق أسهم في إعطاء اللقاء زخماً ثورياً. كذلك، أكّد الحاضرون دعمهم لاستمرار الثورة المصرية.
لكن رغم ذلك، ظهرت بعض الانتقادات الموجّهة إلى الجبهة بسبب مشاركة بعض الوجوه المحسوبة على النظام السابق فيها. ورداً على هذه الانتقادات، قال الفنان صبري فواز لـ«الأخبار» إن الحدث موجّه بالأساس إلى كلّ المبدعين من دون التمييز بين المؤيدين للثورة والمعادين لها؛ لأنّ «الهجمات التي ستنال من حرية الفن لن تفرق بين المبدعين على أساس آرائهم السياسية. والأهم هو تأثير الجبهة ونجاح مهمتها في المرحلة الحالية». وقد كشف الحاضرون عن أن أبرز النشاطات التي سيقوم بها هذا التجمّع الجديد هو تنظيم مسيرة ضخمة تتوجه إلى مجلس الشعب مروراً بميدان التحرير لمخاطبة نواب أول برلمان بعد الثورة. أما المطلب الرئيسي فسيكون حصول المبدعين والمثقفين على ممثل في لجنة صياغة الدستور المصري الجديد لضمان عدم وضع أي مواد تمثّل رقابة على حرية الإبداع. أما أبرز الحاضرين فكانوا: المخرج داوود عبد السيد، وإيمان البحر درويش، ومسعد فودة، سامي مغاوري، وصبري فواز، ومحمود ياسين، وخالد يوسف، وإسعاد يونس، وليلى علوي، ويسرا، وفاروق الفيشاوي، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وحسن نافعة، وعلاء الأسواني، وأحمد حرارة، وصلاح السعدني، وجمال سليمان...
ويذكر أن إطلاق هذه الجبهة جاء في الأسبوع نفسه الذي صدرت فيه «وثيقة الحريات» عن مشيخة الأزهر. وتضمنت هذه الوثيقة المبدأ نفسه في محاولة لحماية حرية التعبير والفن في المرحلة المقبلة. ولعل السبب الرئيسي لكل هذا الحراك هو اكتساح الأحزاب الاسلامية والسلفية لمقاعد البرلمان وسط حالة من الفوضى السياسية التي تعيشها مصر من دون أن يكون هناك طمأنات حقيقية من القيادة الحالية في ما يخص الحفاظ على حرية التعبير عن الرأي.