الدار البيضاء | يوم استثنائي شهدته الدار البيضاء أول من أمس: مئات السياسيين والناشطين والمثقفين كالفنان الساخر أحمد السنوسي الملقب بـ«بزيز» حضروا إلى قاعة المحكمة الابتدائية في عين السبع لحضور جلسة النطق بالحكم في قضية مغني الراب المغربي معاذ بلغوات المعروف باسم «الحاقد» (24 سنة). حضر المغربيون من مختلف المناطق لمساندة المغني الشهير بعد جلسة ماراتونية دامت 13 ساعة ليلة الثلاثاء ــ الأربعاء الماضي. أما الخميس، فبدت لحظات انتظار صدور الحكم طويلة جداً إلى أن نطق القاضي بالكلام المنتظر الذي أدى إلى إطلاق سراح معاذ، رغم تثبيت التهمة الموجّهة إليه بالاعتداء بالضرب على محمد دالي من «حركة الشباب الملكي».
وفوراً، انفجرت هتافات الاحتفال، وارتفعت الشعارات التي يرددها شباب «حركة 20 فبراير». واعتبرت هذه الأخيرة خروج الحاقد بعد أربعة أشهر قضاها في السجن انتصاراً للشعب وصوته.
ومن قاعة المحكمة، توجّه الحاضرون إلى مقرّ السجن لاستقبال معاذ. وبالفعل، لم يتأخّر إطلاق سراحه. وحالما أطلّ الفنان الشاب على الجمهور، صاح بأعلى صوته «عاش الشعب»، وجدد مطالبته بمحاكمة المفسدين وتحقيق العدالة قائلاً «لن تكون هناك عودة إلى الوراء». واعتبر محامو المغني المغربي أن الحكم يبقى غير عادل رغم كل شيء. وكان القاضي قد حكم على الحاقد بالسجن أربعة أشهر، وهي الفترة التي قضاها المغني وراء القضبان خلال فترة التحقيق معه ومحاكمته. وشدّد المحامون على براءة موكّلهم، وعزمهم استئناف الحكم على اعتبار أن إطلاق سراحه ما هو إلا نصر مادي بسيط لأن جميع الدلائل في الملف تشير إلى براءته بما فيها تناقض روايات الشهود الذين قدمهم الطرف المدعي.
وقال مصدر قانوني «إنّ المطّلعين على منطق «العدالة» الجنائية في المغرب لم يستغربوا الحكم لأنّ هدفه تحقق وهو السجن أربعة أشهر. كما أن الحاقد لم يخرج بحكم براءة، بل أطلق سراحه بسبب انقضاء مدة الحكم».
بدورها، أكدت الناشطة في «حركة 20 فبراير» وداد ملحاف التي كانت حاضرة إلى جانب عدد من رفاقها أثناء النطق بالحكم أنّ إطلاق سراح معاذ «تعبير حقيقي على الأزمة التي يعيشها النظام المغربي... لقد فقدوا كل وسائل سيطرتهم وتسلطهم وقمعهم الذي مارسوه على صوت الحق». وأضافت: «الجميع يعلم أن النظام يخشى الفنّ الملتزم بقضايا الشعب، وهذا ما اتضح من خلال المحاكمة الفولكلورية لمعاذ... الآن، ربحنا الجولة الأولى في حربنا على الفساد والاستبداد لكننا لم نكسب الحرب بعد». وكان حي الولفة في الدار البيضاء، حيث يسكن الحاقد قد شهد احتفالاً حاشداً، حضره المغني الشهير، وردّد مع الجمهور أبرز أغانيه التي تنتقد النظام وتطالب بالعدالة الاجتماعية.
إذاً، أربعة أشهر مرّت على اعتقال الحاقد، لتحظى هذه القضية باهتمام وطني ودولي، إلى جانب تسليط الضوء عليها على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً فايسبوك وتويتر. ولعلّ هذا الاهتمام هو ما فاجأ السلطات في المغرب، فشهدت جلسات المحاكمة حضوراً إعلامياً دولياً، خصوصاً من قبل فرنسيين وأميركيين، ودول أخرى... كل هذا الضغط وضع النظام في موقف حرج دفعه إلى الاستجابة للمطالب الملحة بالإفراج عن معاذ
بلغوات. وكان الحاقد قد تحوّل إلى رمز للحراك الشعبي المغربي، فلُقِّب بـ«مغني حركة 20 فبراير». مما أدى إلى تلفيق التهمة الزائفة الموجّهة إليه كما يقول مناصروه، «أرادوا إخراس صوته من خلال اتهامه بالاعتداء على أحد أفراد جمعية ما يعرف بالشباب الملكي التي تعادي «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية»، كما يقول هؤلاء. لكن محاولة إسكاته فشلت، وتحوّل معاذ بلغوات إلى رمز يمد المقهورين والمظلومين بالشجاعة والأمل في تغيير الواقع.



أصدر المكتب المركزي للجمعيّة المغربيّة لحقوق الانسان بيان تهنئة واستنكار في مناسبة اطلاق سراح «الحاقد» (نص البيان)