غزة | «تِقْلَقْش» كلمة يتداولها الغزيّون غالباً ... يقولونها بنبرة خشنة حادّة، تشعرك بأنّ مستخدمها ممسكٌ بزمام الأمور. أمّا مغنّي الراب الفلسطيني محمد عنتر (25 عاماً) فقد اختارها عنواناً لألبومه الغنائي الجديد. استلهم عنتر التسمية من أغنية بوب مارلي «ثلاث عصافير صغيرة»، وتقول ترجمة لازمتها: «تقلقش من أي إشي، لأنّه كل إشي صغير ... رح يصير تمام». يشارك عنتر مطلع شباط (فبراير) المقبل في افتتاح مقرّ «المركز الثقافي الفرنسي» الجديد في قطاع غزة، ليقدّم أغنيات الألبوم للمرة الأولى. في جعبة الرابر الشاب 12 أغنية، شاركه في إعدادها 14 هاوياً لفنِّ الراب من الضفة الغربية، والأراضي المحتلّة عام 1948. تتطرّق الأعمال إلى مشاكل الحياة اليومية في غزّة مثل البطالة، والفقر، وحقوق المرأة والحياة في الأحياء الشعبيّة ... وكلُّها مواضيع يتطّرق لها «عنترة» ـــــ كما يحبّ أن يلقّب نفسه ـــــ رغبةً منه في خلق مجتمع جديد، أو كما تصفه إحدى الأغاني، بـ«مجتمع على الخطّ». هذه الرغبة تحديداً هي التي دفعت الشابّ الغزيّ إلى اختيار فنّ الراب الغنائي، لمواكبة التغييرات الثورية خصوصاً في مصر وتونس ... يكتسي الراب بنظره أهميّة كبيرة، لكونه قريباً من لغة الشارع، ومن ذائقة جيل العولمة.

تختلط تركيبة الأغنيات لدى عنترة بثلاثة أماكن: الشارع، والمكتبة، والاستوديو. وقد بدأ هذا النهج يبرز لديه منذ عمله في مسرح الطفل، حيث قدّم عروضاً عدّة بين فلسطين وإيطاليا. بدأ بتأليف الراب في الثامنة عشرة، لكنّه لم يلق التشجيع في البداية إلا من عائلته وأصدقائه، نظراً إلى عدم تقبّل المجتمع الفلسطيني لفنّ ما زال يعدّه نتاجاً غربياً دخيلاً.
تجربة أسر والد صديقه محمد القبلاني في عتمة السجون الإسرائيلية لـ 27 عاماً، ألهمت الشابين أغنية «العتمة 2005». وكانت تلك انطلاقته الفعليّة في فضاء الراب المسيّس. توالت تجاربه المشتركة مع المغني ذي الأصول البلغاريّة داني صالح، والمغني سامي بخيت، ضمن فريق سمّوه Dead Army. لاحقاً، أسّس مع بخيت، وصانع الإيقاع معروف، وعازف الدربكة شهبندر، فرقة DARG team التي نالت شهرة واسعة. أنتج عنترة مجموعة أغنيات سياسيّة، منها «أنا الشعب»، وفيها يقول «أنا الخبز أنا الزعتر أنا زيتون الزيت أنا الفم أنا اللقمة أنت شرشف المائدة (...) أنا الشعب أنا الشعب أنت الحكومة». وفي «بدي بديش» (مع «اجتياح أندرغراوند»)، ينتقد المفاوضات والانقسام الفلسطيني بلغة حادّة. قد ننتظر المزيد من النقد السياسي اللاذع في ألبومه الفردي الأوّل «تقلقش» ...