في «واحد متلي» (20 د)، يتبع المخرج فيليب بجالي الشاب اللبناني علاء وهو يستكشف مخيّم برج البراجنة في بيروت، برفقة صديقه الفلسطيني عمر. يضيء الوثائقي على حياة الشباب الفلسطيني، والتحديات التي تواجهه. الشريط الذي يُعرض اليوم في «مسرح المدينة»، يندرج ضمن مشروع «الكرامة للجميع»، الهادف إلى تقليص الهوّة بين اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين. وهو مبادرة أطلقتها «الأونروا» بتمويل من «مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية».
يقودنا الشريط إلى داخل المجتمع اللاجئ في برج البراجنة. نزور بيت عمر، وأزقة المخيم، ونستمع إلى هواجسه، وتجربته في الاندماج داخل المجتمع اللبناني. وبموازاة ذلك، تأخذنا الكاميرا خلف علاء في رحلته الأولى إلى داخل مخيّم البرج، لنتوقّف عند وضعه المأساوي...
يحاول «واحد متلي» الإضاءة على تباين الآراء بين اللبنانيين إزاء اللاجئين. تلتقط الكاميرا مقابلات في الشارع مع بعض المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، وأخرى مع الرافضين للوجود الفلسطيني في لبنان. «واحد متلي» كما يقدّمه القيّمون عليه، يحاول تقريب وجهات النظر بشأن موضوع شائك كالوجود الفلسطيني في لبنان، لكنّه في الوقت نفسه يثير قلقاً جدياً بشأن أسلوب ومنطق الخطاب الذي يطرحه اليوم، إذ إنّ تركيبة العمل تُبقي الفصل الأساسي موجوداً من دون تسميته، كأنّها ترسّخه من دون قصد. صحيح أنّ المجتمع اللبناني منقسم حول الوجود الفلسطيني في لبنان، والآراء تتناقض بين المارّة في شارع الحمرا، وساحة ساسين، رغم أنّ الفيلم تفادى الذكر الواضح للمنطقتين... لكنّ دافع علاء، تلميذ «جامعة بيروت العربية»، والمناصر للقضية الفلسطينية، إلى زيارة المخيم، لا يقدّم بدوره أي جديد. لماذا لم يحاول فريق العمل دعوة أحد معارضي الوجود الفلسطيني في لبنان إلى زيارة المخيم لمجابهة أفكاره المسبقة؟ هل يحكمون بذلك مسبقاً على استحالة الحوار؟ وكما نعلم للأسف، فجمهور الفيلم سيقتصر على الأرجح على مناصري القضية الفلسطينية. لهذا، فهو لن يسهم في تعريف الآخر بمعاناة اللاجئ الفلسطيني.
ويبقى السؤال: لماذا تُصنع أفلام مماثلة؟ وإلى مَن تتوجّه؟ وهل تصوَّر حصراً لتذكير من يعلم أنّ المأساة ما زالت قائمة؟ أم لتصفية ذمة المفوضية الأوروبية؟ هذه أسئلة ملحة ومشروعة تنطبق على أعمال كثيرة تقارب هذه القضية. اللافت أنّ الطرح منذ ستين عاماً ما زال يتفادى المواجهة. في صربيا وإيرلندا وبلاد عديدة عاشت حروباً مريرة، استطاع الفن أداء دور طليعي في تقليص الهوة بين الجلاد والضحية، ولم يحدث ذلك سوى عبر المواجهة. ألم يحن الدور كي يؤدي الفن هذا الدور، ولو تحت مظلة الجمعيات المدنيّة ذات الأجندات المعقّدة؟



«واحد متلي»: 6:00 من مساء اليوم ـــ «مسرح المدينة» (الحمرا/ بيروت). للاستعلام: 01/744034