لم يكن متوقعاً أن ينتهي «ملتقى المثقفين السعوديين الثاني» الذي اختُتم أخيراً، بحادثة صاخبة بدأها الكاتب في صحيفة «الوطن» صالح الشيحي بتعليق على تويتر! هنا، صبّ الصحافي السعودي جام غضبه على المشاركين في الملتقى، إذ رأى أنّ الاختلاط بين المثقفين والمثقفات، الذي حصل في بهو فندق الـ «ماريوت» في الرياض، «عار وخزي على الثقافة السعودية».الملتقى الذي كان يُفترض أن يناقش قضايا تتعلق بدعم المشاريع الفنية والمبادرات الخاصة، وأن يضع آليات لكيفية النهوض بالثقافة الوطنية، حوّله تعليق عابر إلى معركة افتراضية مسرحها موقع التواصل الاجتماعي الشهير.

توالت الردود على الشيحي، أوّلها من عبده خال. خاطب الروائي السعودي الشيحي قائلاً: «أخي صالح، هل من الدين أن تمارس القذف وتمضي؟ اتق الله، فنحن ننتظر، خرجت تهمتك عن الحدود، فإما أن تثبت وإما أن تنتظر دعوة قضائية بتهمة القذف، فاعتذر قبل أن تصل إلى هناك». بدوره، أشار وزير الإعلام والثقافة عبد العزيز خوجة إلى أنّ «القفز فوق النقد وأهدافه، يعد شيئاًَ مخزياً».
السجال تطوّر إلى حرب فيديوهات نُشرت خلالها صور لجلسات المثقفين في الملتقى المذكور، وتحول إلى صراع بين تيارين في الثقافة السعودية: أحدهما ليبرالي انتقد الشيحي وهاجمه بشدة، والآخر سلفي متشدد اصطف خلفه. ودخل على السجال الناقد السعودي المعروف عبد الله الغذامي (الصورة)، الذي رأى أن ما صدر من الشيحي يسيء إلى «سمعة أشخاص، ولا يتمتع بأي رؤية فكرية»، فيما دافع الشيخ محمد العريفي، المحسوب على التيار السلفي، عن الشيحي.
وفي اتصال مع أحد المثقفين الذين حضروا المؤتمر، استشهد بقصة لنجيب محفوظ بعنوان «الشيطان يعظ»، في تعليق ساخر على عقلية سلفيّي «معركة الماريوت». مع ذلك، فقد قسمت هذه الحادثة المثقّفين بين مؤيد ومعارض في ملتقى ثقافي يعد التظاهرة الأضخم على صعيد المملكة، إذ شارك فيه حوالى ألف شخص، لمناقشة قضايا تمس المثقف السعودي وقضاياه وهمومه. واللافت أن جملةً صغيرة على تويتر حرفت الانتباه عن نشاطات الملتقى، وشغلت المثقفين، ولا تزال في بلد اعتاد بعض المتشددين فيه مهاجمة كل ما هو بديهي، والهروب من مناقشة القضايا الملحة. ولعل السخرية تكمن في أنّ المعركة التي استعرت بين الطرفين، اتخذت من التويتر مسرحاً لها، فيما كانت الأفكار المطروحة شديدة التخلف. تناقض التقليد والحداثة يستمر في رسم مشهد الثقافة السعودية 2012!