في إطار جولتها الوداعية، يستضيف مجمع «بيال» مساء اليوم فرقة «بوينا فيستا سوشال كلوب» بدعوة من «مركز سرطان الأطفال» في لبنان لإقامة حفلة خيرية. ومن المفترض أن تؤدي الفرقة أبرز الأغنيات التي ستنقل الجمهور عبر الموسيقى في رحلة الى كوبا.
بعد مرور نحو 50 عاماً على إغلاق نادي «بوينا فيستا سوشال كلوب»، أحد أشهر أماكن لقاءات الموسيقيين في أربعينيات القرن المنصرم في هافانا، قرر الموسيقي الكوبي خوان دي ماركوس غونزاليس وعازف الغيتار الاميركي راي كودر، وبعض الموسيقيين الكوبيين الذين عزفوا في النادي في الماضي، الاجتماع مجدداً لتشكيل فرقة حملت اسم النادي نفسه. هكذا، شهدت نهاية تسعينيات القرن المنصرم ظاهرة كوبية اجتاحت العالم بفضل ألبوم (1997) أثارت فيه فرقة «بوينا فيستا سوشال كلوب» الاهتمام مجدداً بالموسيقى الكوبية التقليدية. الألبوم الشهير الذي حمل اسم الفرقة، سُجل في غضون ستة أيام فقط، تكريماً للنادي الذي أقفل أبوابه في هافانا بعد الثورة الكوبية.
حقبة غنية شهدت ولادة المامبو، والتشا تشا تشا وتطوّر الموسيقى الأفريقية، خصوصاً الـ «سون مونتونو»

الظاهرة جذبت المخرج فيم فاندرز الذي استقى من حفلة الفرقة في أمستردام عام 1998 مادة لأحد أفلامه، فصنع منها وثائقياً تضمن مقابلات مع الموسيقيين، وحاز بفضله ترشيحاً للاوسكار في فئة الوثائقيات، بالاضافة الى حصده جوائز أخرى. لم يكن فاندرز وحده من تأثر بظاهرة «بوينا فيستا»، فشهرة الفرقة عبّر عنها كذلك الكاتب سلمان رشدي في إحدى رواياته عام 2001 حين استخدم عبارة «صيف بوينا فيستا»، إشارة الى الشغف الذي أثاره الالبوم في نيويورك عام 1998 لدى صدوره هناك. عن هذا الألبوم، قال راي كودر ذات مرة: «هي القمة، موسيقى تعتني بك وتغذيك. شعرت أنني تمرّنت طوال حياتي من أجل هذه التجربة».
تطوّرت الفرقة على مدار السنوات، وكان أفرادها شاهدين على تغيرات كبيرة في وضع كوبا. كما أنها للأسف ودّعت أيضاً في السنوات الأخيرة ستة من أعضائها المؤسسين، مثل ابراهيم فيرير وكومباي سيغوندو. أما المغنية أومارا بورتووندو الشهيرة، وهي من الأعضاء الأصليين، فما زالت من الموسيقيين الناشطين برغم تقدّمها في السن. السيدة الكوبية لم تتوقف بعد عن المشاريع الغنائية، سواء كانت مرتبطة بعملها مع الفرقة، أو منفردة جعلتها ذات مرة تفوز بجائزة «غرامي». في صوتها رغبة في حمل الموسيقى الكوبية التقليدية الى العالم، وكذلك إنعاشها بنفس عصري، من خلال تسليط الضوء على كل التأثيرات والخلطات التي أغنت هذه الموسيقى. يرافق الفرقة أيضاً إيلياديس أوتشوا، عازف الغيتار والمغني الذي كان هو كذلك من قدامى الفرقة، وقد انطلق في مسيرة منفردة، علماً أنّ «بيونا فيستا سوشال كلوب» باتت تعرّف عن نفسها بالـ «أوركسترا» اليوم مع استضافتها مواهب شابة جديدة انضمت إليها.
تعود الفرقة في موسيقاها الى حقبة غنية على الصعيد الموسيقى في كوبا... الى مرحلة ولدت فيها أنماط جديدة، مثل المامبو، والتشا تشا تشا. كما تطورت فيها الأنماط الموسيقية الكوبية الافريقية، خصوصاً الـ «سون مونتونو». علماً أنّ «السون» يعتبر من ركائز الموسيقى الكوبية وأثّر جداً في موسيقى القرن العشرين اللاتينية.
موسيقى الفرقة تشدّ السامع إليها، وتحثّه على الحلم والسفر بعيداً في أفكاره ومشاعره الى شواطئ كوبا وحيويتها، والى مزيج من المشاعر تراوح بين الحب والرغبة والحنين حملتها على مدى سنوات أصوات استثنائية. لم تسلم الفرقة من الانتقادات، فاعتبر بعضهم موسيقاها لا تمثّل إلا جزءاً ضيقاً من الثقافة الموسيقية الكوبية، وأنها موجهة إلى سيّاح البلاد أكثر منها الى الكوبيين أنفسهم الذين يستمعون إلى أمور أخرى. الا أن أومارا بورتووندو دافعت مراراً عن الموسيقى التي تقدمّها مع فرقتها، مؤكدة أنّ الناس يستمعون اليوم الى أنماط مختلفة، وأن الموسيقى الكوبية التقليدية مزيج من التأثيرات، فهي من ناحية تُغنى باللغة الاسبانية، ولكن في الوقت عينه تعجّ بالتأثيرات الافريقية كذلك، وهذا ما جعلها تحصد الإعجاب في مختلف أنحاء العالم.

حفلة Orquesta Buena Vista Social Club: الساعة 20:30 مساء اليوم ــ مجمّع «بيال». للاستعلام: 01/999666