يعترينا الشعور دوماً بأنّ هناك حاجة إلى المزيد من الإنتاج الثقافي الفلسطيني في مكان تنبع تفاصيله بالقصص. وهذه الحاجة ما هي إلا غيرة على الثقافة وعلى ما تقدمه في سيرورة تحرير الشعوب. لم يتوقف الفلسطينون يوماً عن تقديم إبداعهم عبر المنصات المتعددة، تلك التي تحكي الجمهور الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، وتلك القادرة على بلوغ كلّ أنحاء العالم. حتى قبل أن تخترق الشبكة الإلكترونية حياتنا، كان ألبوم فرقة «صابرين» يصل إلى كلّ الناس، ويشكل لكلّ عربي جواز سفر إلى فلسطين، تلك الممنوع من زيارتها.
هذه السنة كانت مليئة بالأمسيات الثقافية والفنّية. ورغم صعوبة إصدار ألبوم أو مسرحية أو فيلم أو كتاب، إلا أن تخطي هذه الصعوبات لم يكن مستحيلاً. لكن القتل كان حاضراً هذه السنة مع إطلاق النار على الفنان الفلسطيني الشعبي شفيق كبها الذي لقي مصرعه في أم الفحم. على مستوى النشر، واصلت «دار راية» في حيفا التركيز على الإصدارات الفلسطينية مع 14 كتاباً، منها «خُطب الدكتاتور الموزونة» للراحل محمود درويش، و«الآثار الشعرية» للراحل شكيب جهشان، و«أقوى من النسيان، سيرة» للكاتب والمناضل نمر مرقس الذي رحل عنا بداية هذا العام، وديوان «لا اسم لي.. إلا ابن آدم» لسامر خير، وديوان «أبيات نسيتها القصائد معي» لمروان مخول، و«بيان الفردوس المحتمل» للكاتب عبد عنبتاوي، و«هنا كانت تلعب روزا، سرد في الرغبة» لراجي بطحيش... كما صدر عن «دار الأهلية» في عمّان ديوان «ماذا لو كنا أشباحاً» لسمر عبد الجابر، وديوان «الرابعة فجراً في السوق» لطارق العربي، وهما ديوانان حازا «جائزة الكاتب الشاب» في حقل الشعر بالمناصفة عن «مؤسسة عبد المحسن القطان» في رام الله. وأخيراً، أصدرت «دار الآداب» في بيروت رواية «لا أحد يعرف فئة دمه» للكاتبة والشاعرة مايا أبو الحيات. وعن «دار الفيل» في القدس، صدرت رواية «أطفال الندى» لمحمد الأسعد وديوان «فبركة» للشاعر نجوان درويش.
في بداية 2013، أطلقت ريم بنّا من تونس ألبومها «تجليات الوجد والثورة»، وهو عبارة عن قصائد صوفية وقصائد من الشعر المعاصر وأغنية باللهجة التونسية. وحازت الفنانة الفلسطينية «جائزة ابن رشد لعام 2013» تقديراً «لمناصرتها قضايا الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان». وفي الموسيقى أيضاً، أصدرت ريم تلحمي ألبومها «يحملني الليل» (كلمات الشاعر خالد جمعة، وألحان وتوزيع سعيد مراد). ومن رام الله، صدر لشادي زقطان ألبومه الثاني «غناء على الحاجز» الذي ضمّ نصاً للأسير الفلسطيني الراحل يوسف الخطيب الذي لُقب بأمير الأسرى بعنوان «قُبّرة»، بالإضافة إلى ألبوم «نقش» الذي جمع فيه الموسيقي سامر جرادات أغنيات ومقطوعات لفرق وفنانين من شمال فلسطين إلى جنوبها.
تميزت السينما الفلسطينية طوال 2013، وكان «عُمر» للمخرج هاني أبو أسعد جوهرة الإنتاجات. الفيلم من إنتاج فلسطيني كامل، حاز جائزتي أفضل فيلم وأفضل مخرج في «مهرجان دبي السينمائي»، وجائزة النقاد من «مهرجان كان» وأخيراً نجح في بلوغ القائمة القصيرة لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي. أضف إلى «عمر» فيلم «فلسطين ستيريو» لرشيد مشهراوي الذي انطلق من «مهرجان تورونتو» الذي عرض أيضاً فيلم ميس دروزة «حبيبي بستناني عند البحر». وفي قسم الأفلام القصيرة، صدر «إزرقاق» لراما مرعي و«كوندوم ليد» لعرب وطرزان من غزة.
في المقابل، لم يشهد المسرح هذا الزخم الذي شهده الفن السابع. من «مسرح عيون الجولاني» في الجولان السوري المحتل، جاءت «شرق أوسط جديد» (كتابة معتز أبو صالح وإخراج بشار مرقس) من تمثيل آمال قيس، وهنري إندراوس، وموسيقى تريز سليمان ويزن إبراهيم، بالإضافة إلى «خط أوسلو القدس» (نص الممثل إسماعيل دباغ والكاتبة النروجية أودا رادور، وقصائد نجوان درويش) من تمثيل صالح بكري وإخراج النرويجي كاي جونسون.