كان 2013 سعيداً في اليمن السعيد لجهة الصوت والصورة. لقد صارت سماء البلد تمطر إذاعات «إف. إم.» وفضائيات، حتى إنّ الناس ما عادوا قادرين على متابعتها كلها. ما إن تظهر واحدة حتى تتبعها أخرى في طفرة فضائية يمنية خاصة جداً. فضائيات صارت تتوالد بنحو يتناقض مع حال البلد الاقتصادية المريضة، ومنازل الناس الذين لم يعد التيار الكهربائي يزورها إلا عبوراً. مع ذلك، نجد العدد في تزايد مطرد: قنوات تلو أخرى، فلم نعد نعرف بدقة الرقم الذي وصلت إليه.
أربع قنوات رسمية أبصرت النور («اليمن»، «سبأ»، «عدن»، «الإيمان») تجاورها قنوات خاصة أو تابعة لتنظيمات سياسية علنية، مثل قناة «سهيل» التي يمتلكها ملياردير شاب يشغل منصباً قيادياً في حزب الإخوان المسلمين (الفرع اليمني)، وقناة «المسيرة» التي تنطق بلسان جماعة الحوثي التي واجهت ست حروب أمام الجيش النظامي، إضافة إلى قناة «اليمن اليوم» المموّلة من الرئيس السابق علي عبدالله صالح وتنطق باسمه مع إذاعة «يمن إف إم» التي تعمل على ترويج لقب «الزعيم» الذي اختاره بعدما سقط في معركة «الربيع الشبابي». نجحت «يمن إف إم» تحت إدارة طاقم إذاعي لبناني في اجتياح الساحة، وصار من المألوف الاستماع إليها لدى قطاعات متنوعة من الناس. إلى جانب هذه المحطة، خرجت أخرى باسم «إذاعة يمن تايمز» التي تبثّ على موجات «إف إم» وإن بدرجة أقل تأثيراً وانتشاراً من سابقتها.
وبينما تبدو الصورة بهيجة هنا، كانت قاتمة ومؤلمة في جبهة الصحافة الورقية. تضاعف الألم على العاملين في هذا القطاع بنحو أشدّ قسوة مع تواصل الاعتداء على الصحافيين مقابل التزام نقابة الصحافيين بالصمت، مكتفيةً أحياناً بإصدار بيان تضامنيّ هنا وآخر مستنكر هناك.
مع ذلك، يبقى الحدث الأكثر إثارة للسخرية تعيين مراسل جريدة «الحياة» السعودية في صنعاء رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة جريدة «الثورة» الرسمية الأولى في اليمن السعيد. مبعث السخرية أنه يعمل مراسلاً لجريدة نفطية وقفت بأموالها وقدراتها لوقف مدّ «الثورة» الشعبية الشبابية، كما أنه يعتبر واحداً ممن اشتغلوا في المطبخ الإعلامي للرئيس السابق وكرّسوا تقاريرهم الصحافية لضرب «الثورة» في مقتل.
لكن ككل، يبدو العام بهيجاً لجهة خروج الصحافي عبد الإله حيدر شائع من المعتقل بعد أربع سنوات من الأسر بتهم افتراضية، بعدما كان أول الصحافيين اليمنيين الذين كشفوا تفاصيل هجوم طائرات أميركية بدون طيّار على مناطق يمنية أوقعت عشرات القتلى. الرئيس باراك أوباما كان قد تكفّل بتوجيه أوامره المباشرة للرئيس السابق بإبقاء شائع في المعتقل حمايةً للأمن الأميركي!