بدءاً من اليوم الخميس، تنطلق النسخة الأولى من مهرجان Beirut & Beyond لمدة أربعة أيام. يأتي الحدث بالتعاون مع «مهرجان أوسلو للموسيقى العالمية»، ويُقام في أماكن مختلفة في بيروت. وسيمثل هذا الموعد الفني الجديد في بيروت مساحة من أجل التعرف أو إعادة اكتشاف فنانين ينتمون الى ساحة الموسيقى المستقلّة في المنطقة والخارج. قلما تدعو المهرجانات اللبنانية فرقاً مستقلة لم تكوّن لنفسها شهرة معيّنة بعد من أجل المشاركة فيها.
من هنا، انطلقت فكرة مهرجان Beirut & Beyond كما يشرح لنا مديره الفني عازف الإيقاع اللبناني خالد ياسين. يقول: « لا تدعو المهرجانات اللبنانية فرقاً «أندرغرواند» من أجل المشاركة، بل تنتظر منها أن تثبت نفسها قبل ذلك. من جهة أخرى، الأسعار مرتفعة جداً. وفي الوقت عينه، هناك مساحة تُركت شاغرة بين هؤلاء الاشخاص المعروفين والفنانين الـ «أندرغراوند» أكان على صعيد الموسيقى أو الجمهور أو التنظيم. فتطورت الفكرة من هذه العناصر الثلاثة».
يشارك في المهرجان 14 فناناً بين فرق وموسيقيين منفردين. بعضهم أصبح معروفاً في بلاده، والبعض الآخر لا يزال يشقّ طريقه، وحاز ثقة المنظمين وإيمانهم به مستقبلاً. يمكن اعتبار هذا الحدث بمثابة مهرجان للاكتشافات. حول انطلاقة فكرة المهرجان، يقول ياسين: «كنت أعزف مع فرقة بقيادة عازف بيانو نروجي هو بوغي ويسيلتوفت. عملنا على افتتاحية «مهرجان أوسلو» هذا العام احتفالاً بسنته الـ20. عندما أتت الفرقة الى بيروت، كانت أماني سمعان (مديرة المهرجان) تنظم فكرة المهرجان، وكانت ألكسندرا أرشيتي مديرة «مهرجان أوسلو» حاضرة كذلك، فتحدثنا عن الفكرة. لكن الأمور بدأت تصبح ملموسة في شهر نيسان (أبريل)، عندما عقدنا اجتماعات جدية مع مجموعة أتت من «مهرجان أوسلو» الى بيروت. فتبادلنا المحادثات من أيلول (سبتمبر) 2012 حتى كانون الثاني (يناير) 2013. الشراكة بين مهرجاننا و«مهرجان أوسلو» تعود خصوصاً الى مشاركتنا الشغف نفسه وكذلك التطلعات الفنية».
ترى مديرة المهرجان أماني سمعان أنّ الهدف من الحدث «أن نكوّن قاعدة للموسيقى في العالم العربي، تنطلق من مهرجاننا. هناك جولة بعد انتهائه يقوم بها المشاركون فيه الى الخارج. نحاول أن ننشئ بنى تحتية للموسيقى في لبنان. وننوي أن نطّور ذلك وننظّم ورش عمل أيضاً».
برنامج المهرجان متنوع ويمتدّ على أربعة أيام، تتوزع خلالها الحفلات بين أربعة أماكن: ينطلق الحدث من «الجامعة الاميركية في بيروت» اليوم مع عازف العود العراقي خيام اللامي (20:00)، تتبعه أمسية لجوهر من تونس (21:00) ثم مريم صالح (22:00) من مصر. ينتقل الحدث الى «مترو المدينة» وحانة الـ «يوكونكن» (الجميزة) في اليوم التالي مع مغني الراب الأردني «الفرعي» (طارق أبو كويك ــ «يونكون ـ 22:00). ومساء السبت، سيكون الحاضرون في الحانة نفسها على موعد مع ثلاثي طارق يمني إضافة الى زياد نوفل (20:30). أما في «راديو بيروت»، فسيجري إطلاق ألبوم «توفليس وريغلي سكوت» (22:30). الختام سيكون الاحد في الـDRM (الحمرا)، كما يعدّ المهرجان مفاجأة بدءاً من السادسة والنصف في ملهى The Mansion في الجميزة. لم يشأ ياسين الكشف عن مضمونها، إلا أنه أشار الى أنّها عبارة عن نوع من التفاعل بين عدد من الفنانين.
وفي ما يتعلّق بخيار الموسيقيين، فقد جاء بناء على اقتناع المنظمين بفنّهم وبمشروعهم. نرى تنوعاً في هذا البرنامج يعكس رغبة في فتح الآفاق وإثبات مرة جديدة أنّ الموسيقى لا حدود لها. فرقة «جاغوا» (مترو المدينة ــ 6/12 ـــ س: 21:00) على سبيل المثال تأتي من تانزانيا، وتكاد تكون مشاركة موسيقيين من هذا الجزء من العالم الأولى من نوعها في مهرجان لبناني. هم أشخاص عاديون من شوارع دار السلام، اجتمعوا قبل نحو 12 عاماً لتشكيل فرقة موسيقية، وسيكون من المثير للاهتمام الاستماع الى نمط آخر من الموسيقى مطعّم بالايقاعات الأفريقية. تقول سمعان في هذا الصدد: «هناك الكثير من الأشياء التي لم يسمعها الجمهور اللبناني، ويعني ذلك انفتاحاً معيّناً على بلدان أخرى بعيداً عن التوتر الذي نعيشه». عن التنوع في اختيار الانماط الموسيقية، يتحدث ياسين قائلاً: «البلد لا يأتي أولاً عموماً. الفكرة هي جلب فنانين من أنحاء العالم العربي يقدّمون موسيقى ذات جودة عالية وهم جديّون. رغبت كذلك في أن يكون المهرجان أوسع ما يمكن. لذا فكّرت في إضافة فنانين من بلدان غير عربية. سيكون أيضاً هناك تفاعل، كما في أمسية تريغفي سايم وفرودي هالتلي (من النروج) في «مترو المدينة» (6/12 ـ س:20:00) حيث تحلّ أميمة الخليل ضيفة على الحفلة. واضطررت إلى الغوص في أنماط موسيقية لا أسمعها كثيراً عادةً. من الانماط التي يضمّها البرنامج جاز وروك عربي، وصولو عود (خيام اللامي) وفولك وإلكترو وحتى راب مع «الفرعي» و«الراس»».
رغم أنّ برامج الحفلات تتبع بنية معينة، الا أنّه لا بدّ أيضاً من مساحة محدودة للارتجال. موسيقى تريغفي مثلاً قريبة من الجاز، وستكون هناك ارتجالات مع أميمة بطبيعة الحال. طارق يمني أيضاً كثيراً ما يعتمد على الارتجال في موسيقاه. أما خيّام اللامي، فلا بدّ من أن يخصص جزءاً من الأمسية لبعض الارتجال على العود، الى جانب المقطوعات ثابتة.
ازدادت في السنوات الأخيرة الأحداث والمهرجانات التي ترمي الى تطوير مساحة الموسيقى المستقلة في لبنان. هي في نظر خالد ياسين «ساحة تعمل فعلاً وعلى تواصل مع كلّ الناس، وتملك هموماً موسيقية فنية حقيقية. من تجربتي كموسيقي، الناس فضوليون، وهم بحاجة الى أصوات وتجارب جديدة، وهذا أمر مشجّع».

بدءاً من الليلة (20:00) مع خيام اللامي في قاعة «أسمبلي هول» في الجامعة الأميركية في بيروت حتى 8 كانون الأول (ديسمبر) ـــ www.beirutandbeyond.net ـــ للاستعلام: 03/524400



محاضرة «ة مربوطة»

لا يقتصر مهرجان Beirut & Beyond على الحفلات الموسيقية فحسب، بل يتضمن أيضاً محاضرة. في الحادية عشرة من صباح يوم السبت 7 كانون الأول (ديسمبر)، يقيم المهرجان ندوة في مقهى «ة مربوطة» (الحمرا) تحمل عنوان «شبكة الموسيقى العالمية: تحدياتها وآثارها ومستقبلها». يشارك في اللقاء مديرة «مهرجان أوسلو» ألكسندرا أرشيتي، ومدير «المنتدى الاوروبي لمهرجانات الموسيقى العالمية» ستولن ساغفين. ويتمحور اللقاء حول شبكات التواصل وإمكانية الإفادة منها في العالم العربي على الصعيد الموسيقي. علماً أنّ «المنتدى الاوروبي لمهرجانات الموسيقى العالمية» الذي يضمّ حوالى 45 مهرجاناً عضواً فيه، يمثل شبكة من المهرجانات التي تركّز على الثقافات المحلية وموسيقى العالم، كما أنّه يولي أهمية أساسية للإبداع وللإرث الموسيقي الجماعي، وتربطه علاقات وثيقة بالأسواق الموسيقية المختلفة والمتنوعة، والأحداث ذات الصلة التي تقام في عواصم العالم.