القاهرة | «ليس بالإمكان أفضل مما كان»، هكذا ردّ خالد يوسف على الهجوم الذي شنّه عليه زملاؤه بعدما أعلن موافقته على المادة 174 من مسودة الدستور الجديد التي تسمح بمثول المواطنين أمام القضاء العسكري في جرائم حدّدها الدستور الذي لم يقترع عليه المصريون بعد. وقال المخرج المصري عبر الفايسبوك إنّ «الخيار كان بين أمرين كلاهما مرّ. الأوّل الإبقاء على المادة القديمة كما هي في دستور 1971 التي تنظّم مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية حسب القانون. أما الخيار الثاني، فهو يقضي بتحويل المدنيين إلى المحاكم العسكرية في حالات محدّدة، أبرزها الاعتداء على العسكريين». وبرّر المخرج قائلاً: «فضّلت ألا أُراهن على مجهول. من يضمن لي تركيبة مجلس الشعب المقبل التي قد تتوسّع في الحالات التي يحال فيها المدني على القضاء العسكري، وعندها كنا سنبكي على اللبن المسكوب». وأضاف محاولاً كسر موجة الهجوم عليه: «حاولنا قدر المستطاع تقليص الحالات، وكنت أتمنى أن نكتب الدستور الحلم الذي لا تشوبه شائبة. لكن يبدو أن الظرف غير مواتٍ ورائحة الدم تمنعنا من تحقيق كامل أحلامنا».

لكن تبريرات صاحب «حين ميسرة» لم تخفّف من غضب بعض الفنانين عليه. رأى هؤلاء أنّ هذه التبريرات تصبّ في إطار عام واحد يسير فيه الدستور الجديد وصنّاعه، وهو الإطار الذي حدّده الجيش منذ عزل الرئيس محمد مرسي قبل أشهر. هكذا، أطلق العشرات من الفنانين بياناً بعنوان «خالد يوسف لا يمثلني»، وأكّد موقّعوه في بدايته قائلين: «هالنا أن يوافق يوسف، وهو الممثل للسينمائيين ضمن «لجنة الخمسين» التي تصوغ دستور مصر الجديد على محاكمة المدنيين عسكرياً. مع الإشارة إلى أن هذا التمثيل لم يكن بانتخاب أو باختيار السينمائيين أنفسهم، بل تمّ بطريقة فوقية من السلطة. وبسبب حرصنا على عدم تصعيد المشاكل في تلك الفترة الحرجة التي يمرّ بها بلدنا، لم نعترض، آملين فتح النقاش والمشاورة، وهو ما لم يحدث». ومضى البيان يؤكّد أنه «كان أشرف ليوسف الانسحاب أو الرجوع إلى جموع السينمائيين، وطرح الموضوع للنقاش بدلاً من المشاركة في صياغة دستور سيسقط كما سقطت الدساتير التي سبقته، لأنها لم تحقق تطلعات الشعب. نحن نرفض كلياً أن يُحاكم مدني أمام القضاء العسكري». في هذا الوقت، تصاعدت التصريحات المؤيدة والمعارضة لموقف يوسف، ولمبدأ محاكمة المدنيين عسكرياً بشكل عام. وقالت الممثلة وفاء عامر: «على كل من يحبّ مصر، ويحافظ على منشآتها ألا يخاف من تلك المادة، إلا إذا كان باكياً على رحيل الإخوان، ويخشى إفشاء ذلك أمام العامة». في المقابل، قال الممثل عمرو واكد إنّ الخلاف بينه وبين يوسف ليس شخصياً، بل بسبب موافقة الأخير على مادة دستورية تجيز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وتساءل الممثل: «لماذا تقرّ لجنة مكوّنة من مدنيين مادة لمحاكمة المدنيين عسكرياً؟». وفيما يتطلّع المحتجون إلى تعديل المادة قبل إعلان الانتهاء من الصيغة النهائية للدستور، تجد المادة نفسها قبولاً من قطاعات أخرى ترى أنّ من الواجب توفير الحق للقوات المسلحة في التعامل قانونياً مع المدنيين الذين أقدموا على تجاوزات بحقّها بحسب نص المادة. جدل لا ينتهي يطرح علامات استفهام عدة، أولها كيف يسهم المبدع أحياناً في تشريع قمع السلطة؟!

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman