يرفع الستار اليوم عن قاعدة نصب تذكاري أقيم لإحياء ذكرى شهداء الثورة في ميدان التحرير في القاهرة. كان لخبر مماثل أن يثير الاعجاب لولا الطريقة «المريبة» التي اتبعت في تنفيذه. أثار النصب عاصفة من الاحتجاجات امتدت من مواقع التواصل الاجتماعي الى بعض الجهات الرسمية، التي اعترضت على القرار، وتفاوتت ردود أفعال القوى المحسوبة على الثورة. علماً أنّ عملية البناء شملت تأسيس منصة كبيرة (طول 20 متراً وعرض 10 أمتار) في وسط الميدان في الجهة المقابلة لشارع محمد محمود.
وأوضحت محافظة القاهرة أنّها ستجري مناقصة عالمية لتصميم الشكل النهائي للنصب، مع استكمال البناء الخرساني ووضع لائحة شرف وإهداء إلى شهداء ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو». من جهته، اعترض جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة مورداً في بيان إنّه لم يجرِ التشاور معه حول إقامة النصب، «مما يخالف القانون 119 لسنة 2008 الذي ينص على وجوب الحصول على موافقة الجهاز في أي مشروع ينفَّّذ في المناطق التراثية، وهو ما ينطبق على منطقة القاهرة الخديوية، التي تضم ميدان التحرير، وقد صدر لها دليل لأسس ومعايير الحفاظ عليها، معتمداً من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية». وقال رئيس الجهاز سمير غريب إنّ «ميدان التحرير أشهر ميدان في العالم، ويجب ألّا يترك لخطوات ارتجالية من جانب بعض الجهات الحكومية. في حال إعادة تخطيطه، يجب أن يجري وفقاً لخطوات فنية وعلمية، تكريماً لذكرى ثورتي يناير ويونيو». وأضاف: «أنا ضد إقامة قاعدة النصب التذكاري بهذه الطريقة، لأنها مخالفة للقانون»، لافتاً إلى أن الجهاز أعد مسابقة منذ عام 2011 بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، ونقابة الفنانين التشكيليين والمهندسين، والجمعيات المعمارية، وعدد من شباب الثورة، ترمي إلى إعادة تخطيط ميدان التحرير، وأن يكون جزءاً منها تكريم وتخليد ذكرى الشهداء. واشار إلى أنّ الخطة عُرضت على كل رؤساء الوزراء منذ الثورة، إضافةً إلى وزراء الآثار والبيئة، ومحافظ القاهرة، وجرت الموافقة على إجرائها، إلا أنها لم تخرج إلى النور بعد. وطالب الجهات الحكومية بالتزام القانون والتوقف عن بناء قاعدة النصب التذكاري، باعتباره إهداراً للمال العام، وتشويهاً للميدان.
في المقابل، رحّب الناشط الحقوقي جمال عيد بالفكرة، وعدّها بادرة طيبة في إحدى تغريداته، كما اعلنت «جبهة الانقاذ» الداعمة لـ «30 يونيو» مشاركتها في الاحتفال الذي سيقام اليوم في مناسبة رفع الستار عن النصب، علماً أنّه يتزامن مع إحياء الذكرى الثانية لـ «أحداث محمد محمود» التي تنظمها القوى الثورية.
ورفض تشكيليون بارزون التصور العشوائي الذي يجري العمل عليه. وقال الفنان المصري محمد عبلة إنّه عمل غير مفهوم يجري في غفلة من الجهات المعنية. وطرح التشكيلي المقيم في فيينا حازم المستكاوي (مدير سابق لمتحف الفن الحديث في مصر) جملة من الاسئلة أولها: هل هناك تصميم متكامل لما سيكون عليه ميدان التحرير؟ أين الانتصار الذي سيكون مركز التصميم؟ وهل حققت الثورة أهدافها حتى نقيم لها نُصباً؟