القاهرة | شريط يدور حول ضحايا مجهولين في «ثورة 25 يناير» 2011، يسمح له أصحاب صالات العرض بحضوره في شباك التذاكر لأسبوع واحد فقط. إنّه فيلم «فرش وغطا» (كتابة وإخراج أحمد عبد الله، بطولة آسر ياسين، إنتاج محمد حفظي) الذي دخل تاريخ السينما المصرية من باب لم يتوقّعه أحد من هؤلاء الذين انتفضوا على حسني مبارك قبل ثلاثة أعوام. أصبح «فرش وغطا» أوّل فيلم يُعلن مسبقاً موعد طرحه ثم سحبه من دور العرض، قبل أن يقطع الجمهور تذاكر المشاهدة.
هكذا قامت الثورة ورحل مبارك، لكنّ الأفلام الشعبية واصلت سيطرتها على صالات العرض، في حين أنّ الأفلام التي تتناول الثورة وضحاياها لا تزال تبحث عن موطئ قدم. الشريط الذي أحدث دويّاً في مهرجانات عربية ودولية عدة خلال الاسابيع الماضية، اعترف صنّاعه بأن سوق التوزيع السينمائي لن يعطيه أكثر من سبعة أيام في الصالات، فقرّروا مُبكراً إعلان موعد سحبه من الصالات، حتى لا يُتَّهم الفيلم بالفشل جماهيرياً، وحتى يعرف مَن يبحثون عن سينما مصرية بديلة أن الفرصة لدعم «فرش وغطا» ليست متاحة لوقت طويل. الجمهور الذي يشكو كل موسم طغيانَ أفلام الأخوين أحمد ومحمد السبكي، ليس مُستعداً بعد لدعم شريط سينمائي يتحدّث بلغة مختلفة أصرّ عليها صناع «فرش وغطا».
في الوقت نفسه، وبينما لا تزال الثورة المصرية تعاني من حملات هجوم وتشويه متتالية، بات تقديم فيلم عن ضحاياها المجهولين مغامرة اختار صنّاع «فرش وغطا» أن يخوضوها، أيّاً كانت النتائج.
الفيلم يبدأ من واقعة «فتح السجون» مساء الجمعة 28 يناير 2011. البطل الذي لا نعرف عنه الكثير يخرج مع من خرجوا، وينجو بأعجوبة من الرصاص العشوائي الذي لم يكن أحد يعرف مصدره. يخرج البطل محمّلاً بوصية صديقه الذي قضى نحبه، ويمشي في شوارع القاهرة المجنونة في تلك الأيام محاولاً الوصول إلى منزله الذي يكتشف سريعاً أن مساحته فيه لم تعد كما كانت. ينطلق الشاب في رحلة قصيرة من موقع إلى آخر حتى يصل إلى منزل صديقه الراحل. وفي نهاية كل ليلة، يكون هدفه الوحيد الحصول على «فرش وغطا» يحميانه من البرد القارس.
العرض العالمي الأوّل لفيلم «فرش وغطا» كان في «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي» خلال الفترة من 5 إلى 15 أيلول (سبتمبر) الماضي. لاحقاً، شارك العمل في «مهرجان لندن السينمائي الدولي»، وكان الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية للمهرجان الشهر الماضي. ثم عُرض ضمن «مهرجان أبوظبي» الذي أقيم قبل فترة. رابع مشاركة للفيلم كانت في «مهرجان مونبولييه لدول البحر المتوسط» في فرنسا.
اللافت أنّ صنّاع الفيلم كانوا من بين مجموعة السينمائيين الذين قدّموا في «مهرجان كان» عام 2011 فيلم «18 يوم» عن الثورة المصرية، وهو الفيلم الذي لم يره المصريون حتى الآن.
فيما طاولت الانتقادات فيلم «بعد الموقعة» ليسري نصر الله بسبب ما عدّه البعض انحياز السينمائي للمشاركين في الاعتداء على المعتصمين في ميدان التحرير مطلع شباط (فبراير) 2011 ضمن ما عُرف بـ«موقعة الجمل». الثورة مستمرة إذاً كما يؤكد المخلصون لها، حتى يحصل كل فقير على ما هو أكثر من «الفرش والغطا»، وتحصل أفلام الثورة على ما تستحقه في «هوليوود الشرق».

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman