شهدنا ليلة الجمعة حدثاً هاماً على الصعيد الثقافي، لم نكن نتوقّعه في أيامنا هذه. لقد احتفلنا بافتتاح مسرح في بيروت! نعم، افتتح جو قديح مسرح «مدرسة الفرير» للجمهور العريض، مطلقاً عليه اسم «مسرح الجميزة» وسط إقفال الفضاءات الثقافية وحملات المطالبة بوقف سياسة الإهمال التي انتهت بإقفال «مسرح بيروت». ولعل هذه الخطوة الإيجابية لا تعكس تغييراً في سياسة المعنيين بالشؤون الثقافية في الدولة، فالمشروع تم بمجهود فردي بحت من قديح، بالتعاون مع بعض الشركات الخاصة التي قدمت له الرعاية.
يقول قديح في كلمة الافتتاح إنّ الفن المسرحي انطلق الى الشرق الأوسط من هذه المنطقة بالتحديد عندما أطلق مارون النقاش عرضه المسرحي في «كنيسة سانتا» أو Terra Santa القريبة بضعة أمتار من «مسرح الجميزة». وعدّد بعض الشخصيات الهامة التي تتلمذت في «الفرير»، وبالتالي مرت على خشبة هذا المسرح من أمثال جان كلود بولس، وجلال خوري، وفيكتور وسليم سحاب.
وقع اختيار قديح على المسرح عندما دعته إدارة المدرسة عام 2011 ليؤدي عرض «أنا» على خشبته. لفت نظره المسرح وموقعه الاستراتيجي كونه في وسط بيروت. وحول دوافع قراره وأهدافه، يقول قديح لـ«الأخبار» إنّه لطالما أحبّ أن يكون لديه مسرح خاص به يفيد فيه المسرحيين اللبنانيين، وخصوصاً الشباب. وعندما كان التعاون مع إدارة «مدرسة الفرير» إيجابياً، شعر بوجوب تنفيذ المشروع. وكان قديح قد قام بعملية نفض كاملة لصالة المسرح (يعود تاريخ بنائها الى أكثر من خمسين عاماً) على نفقته الخاصة، فأصلح المكيفات وعالج مشكلة النش مع تركيب الأرضية وشراء أجهزة الصوت والإضاءة. أخذ قديح على عاتقه أيضاً إعادة تموضع صفوف المقاعد ليحافظ على مسافة أكبر بينها ويخصّص أمكنة لذوي الاحتياجات الخاصة، فانخفض عدد المقاعد من 317 الى 272. يظهر الممثل والمسرحي اللبناني رغبته في التعاون مع مسارح خارج لبنان ومع جمعيات لبنانية. وقد أعلن خلال الاحتفال عن تعاون إدارة المسرح مع جمعيتي Save Beirut heritage التي تعنى بالمحافظة على الأبنية التراثية في بيروت وجمعية «مجال» التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، وستحصل الأخيرة على ريع أرباح كل ما يباع في كافيتيريا المسرح.
لم نر حشوداً من المثقفين والفنانين بالكمّ الذي نتوقعه عادة في افتتاح حدث ثقافي من هذا النوع ولا ممثلين رسميين عن وزارة الثقافة لأن قديح أرادها «أهلية بمحلية». لذا اقتصرت دعواته بشكل عفوي على الأصدقاء والمقربين، بينهم بعض الممثلين والفنانين والصحافيين والسياسيين. وكان برنامج الاحتفال أيضاً عفوياً ومسلياً، فأدى فنانون أصدقاء لقديح اسكتشات من مختلف أنواع فنون العرض: عزف إيقاع لـWalk about Drum Circle، و«ستاند أب كوميدي» لفريقSit Down Comedy (غناء وعزف موسيقي لجويل تابت وريما أبو عون)، و«ستاند أب كوميدي» لجوزيف عازوري، وعرض حكواتي لسارة قصير، ورقص تانغو لجنى يونس ونديم الشويري.
خلال الاحتفال أيضاً، أُعلن عن برنامج السنة الذي يبدأ بعرض «مشاكل جنسية» لشاكر بوعبد الله من إشراف باتريسيا نمور (راجع المقال في مكان آخر من الصفحة)، وعرض ستاند أب بعنوان «إمبريالي وإمبريالك» لفريق Sit Down Comedy يوم 15 من هذا الشهر، وكل يوم أحد من شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس)، وقريباً عرض حكواتي لسارة قصير. كما يقدّم قديح عرضه «ميشال وسمير» (تأليفه وإخراجه) من تمثيل أنطوان بلابان وإدمون حداد وجوزيف عازوري وجو قديح ابتداءً من 22 تشرين الثاني (نوفمبر). يكمل البرنامج مع عروض Lilith منUrban Art Production في كانون الأول (ديسمبر) وعروض طلابية من جامعة الـ«ألبا». أما في العام المقبل، فسيستقبل المسرح عرضاً لروزي اليازجي عدوان بعنوان «قصة ريما» وعروض «ستاند أب كوميدي» لكل من نمر بونصار وجوزيف عازوري وإدمون حداد على حدة. وسيقيم الأخير ورشة عمل Mime Corporel. وسيقدم المسرح حفلات غنائية لزياد سحاب، وعرضاً راقصاً لجنى يونس، وآخر مسرحياً ليمنى بعلبكي. كما سنكون في 12 نيسان (أبريل) على موعد مع ليلة مسرحية في الفنون القتالية. وستقام ورشة عمل في فنّ الحكواتي مع جيروم غاري. وأخيراً يفتح قديح الفضاء أمام جميع المسرحيين للتقدم بمشاريع عروضهم. وسينشّط المسرح على أصعدة مختلفة مع عروض أفلام، مخصّصاً صالة واسعة خارج المسرح وتابعة له لاستقبال معارض تشكيلية أيضاً.



«مسرح الجميزة»، للاستعلام: 76/409109