القاهرة | جدل لا ينتهي. هكذا يمكن تلخيص نقاش المهتمين بمستوى السينما المصرية مع كل عيد جديد، وخصوصاً بعد «ثورة يناير» التي دفعت المنتجين إلى عدم إنفاق أموالهم خشية الخسارة. في هذا المشهد، تصدى المنتجان محمد وأحمد السبكي لتقديم أفلام يعتبرها كثيرون «مبتذلة تشجّع على نشر البلطجة والتحرش» في مصر. رغم المعارضة التي يلقاها المنتجان، إلا أنّهما يستمران من موسم إلى آخر وسط ترحيب أهل الصناعة كونهما الوحيدين القادرين على تشغيل عجلة الإنتاج. وبالتالي، فكل حملات المقاطعة التي تنطلق على مواقع التواصل الاجتماعي مع كل عيد لا تمنع جمهور أفلام السبكي من التقدم إلى شباك التذاكر، ولا الفضائيات من بث أغنيات تلك الأفلام.
من جهتهما، يردّ الأخوان بأن أفلامهما تهدف إلى تسلية الجمهور وأنّ «البلطجة وأغنيات المهرجانات الشعبية التي يقدمانها موجودة في الحارات الشعبية»، بينما يرى المحافظون أنّ دور السينما هو «لتقديم الجمال لا لنشر القبح». في المنتصف، يقف من يطالب بوجود البديل مع تشجيع الجمهور ودعمه، وهو ما ينطبق هذا الموسم على فيلم «هاتولي راجل» (بطولة أحمد الفيشاوي وكريم فهمي ويسرا اللوزي، إنتاج حسين ماهر) للمخرج محمد شاكر خضير. ينطلق الشريط من فكرة خيالية حول سيطرة السيدات على الرجال، وترافق طرحه مع دعوات بدعمه في شباك التذاكر بدلاً من الاكتفاء بلعن أفلام السبكي. أما الملاحظة التي لم يلتفت إليها الغاضبون من أفلام العيد الأربعة فهي أنّ شريطاً واحداً فقط يحمل توقيع أحمد السبكي هو «عش البلبل» الذي تصدّر شباك التذاكر منذ اليوم الأول. أما «القشاش» و«8%» فلا علاقة لهما بالسبكي، ما يدل على أنّ نجاح أفلام السبكي تجارياً شجعت منتجين آخرين على كسر احتكارهما لهذه الأفلام. لكنّ عائلة السبكي لا تزال تخوض التحدي بقدرتها على تقديم «خلطة سينمائية» قادرة على جذب جمهور العيد. يضمّ «عش البلبل» عدداً كبيراً من الأبطال، أبرزهم: كريم محمود عبد العزيز، سعد الصغير، دينا، بوسي، محمود الليثي ومي سليم (تأليف سيد السبكي وإخراج حسام الجوهري). ورغم تحقيقه أعلى الإيرادات في أيام العيد الأولى، إلا أنّه لا يحوي أي قصة، بل مجموعة من المواقف الكوميدية والأغنيات الشعبية ورقصات دينا. أما «القشاش»، فيخوض فيه الممثل الشاب محمد فراج تحدياً أصعب لأنه يتقمّص الشخصية نفسها التي نجح فيها أيضاً الممثل الشاب محمد رمضان في فيلمين، هما: «عبده موتة» و«قلب الأسد». الفيلم الذي تؤدي بطولته حورية فرغلي، ودلال عبد العزيز، وحنان مطاوع (إخراج اسماعيل فاروق، وإنتاج «نيوسينتشري») يحكي قصة شاب يتيم نشأ في مجتمع قاس ويمتلئ بمشاهد المعارك بالأسلحة البيضاء وأغنيات المهرجانات الشعبية. غير أنّ «عش البلبل» و«القشاش» لا يشهدان مشاركة أشهر مَن غنّى المهرجانات في الأعوام الأخيرة أي أوكا وأورتيجا. الأخيران يخوضان مع صديقهما الثالث شحتة كاريكا البطولة السينمائية مع مي كساب في «8%» وهو اسم الفرقة نفسها التي كوّنها الثلاثي. يحكي الفيلم (تأليف إبراهيم فخر وإخراج حسام الجوهري) قصة نجاح نجوم أغنيات المهرجانات الشعبية، وهو نوع جديد من الأغاني الشعبية يعتمد على الصخب في الألحان والكلمات السريعة والبسيطة.
وبعيداً عن المضمون وحملات المقاطعة، لا يزال استمرار حظر التجول يشكل عائقاً أمام تحقيق الصالات المصرية إيرادات تناسب حجم الإنفاق على الأفلام. وبينما ينفرد السبكي ومن يسيرون على نهجهما بشباك التذاكر، لا يزال نجوم السينما الكبار بعيدين عن المنافسة: عادل إمام مستمر في الدراما، وأحمد حلمي مشغول بـ«أرابز غوت تالينت»، وأحمد مكي ومحمد هنيدي لم يعلنا عن مشاريعهما بعد، بينما ينتظر كريم عبد العزيز عرض فيلم «الفيل الأزرق».

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman