دقيقة وأربعون ثانية كانت مدة شريط فيديو انتشر أخيراً على يوتيوب ليظهر جرحى يرجّح أنّهم سوريون تم التنكيل بهم وإعدامهم بلا رحمة في جريمة بشعة. الشريط الذي وضع «حزب الله» في خانة الاتهام، قيل إنّه يعود الى ختام معركة «القصير» في حزيران (يونيو) الماضي، وشكّل سريعاً الحدث على «العربية» التي أفردت له تغطية مباشرة ومطولة الأربعاء الماضي. استضافت القناة السعودية وجوهاً مناوئة للحزب (علي الأمين، لقمان سليم، المعارض السوري بسام جعارة) مع اختراق واحد تمثَّل في الكاتب قاسم قصير.
بدأ المذيع محمد أبو عبيد باتهام الحزب بتنفيذ هذه الاعدامات بعدما استعرض محتويات الشريط من «عناصر للحزب يحملون الشارات الصفراء على أذرعتهم يقومون بإعدام جرحى مقاتلي المعارضة السورية بشكل وحشي، ولم يتسن لـ«العربية» التأكد من تاريخ تصوير الفيديو». و«حرصاً» من المحطة على مشاعر المشاهدين واحترام «مهنيتها»، اقتطعت الأجزاء التي وصفها المذيع بـ«القاسية» وتحمل «كلمات ومسبات بذيئة غير مناسبة للبث». علماً أن الشريط بأكمله (انتشر عبر يوتيوب تحت عنوان «وحشية حزب الله بالتعامل مع الجرحى السوريين») يحوي وحشيةً لا تُحتمل، ولم تتوان المحطة عينها عن تكرار عرض هذه المشاهد خلال استضافتها الأسماء المذكورة آنفاً.
كان الفيديو «فرصة» لتوجيه السهام إلى الحزب من قبل لقمان سليم الذي لم يؤكد مسؤولية الحزب المباشر عن الفيديو لكنّه أشار إلى «مسؤوليته السياسية» عن وجود مقاتلين يتحدثون باللهجة اللبنانية و«هناك أدلة عدة تدل على أنهم من حزب الله». بعدها، أكمل علي الأمين الذي اتّهم الحزب بإصدار فتاوى تحلل قتل الآخر! بقي قاسم قصير في الميدان، ليعرّج على أخلاقيات الحزب وطريقة تعامله الأخلاقية حتى مع العملاء. وربط بين فيديو الشهيد مهدي ياغي (الأخبار 5/10/2013) وتسريب فيديو الإعدامات الذي يرمي إلى «تشويه صورة مقاتلي الحزب». وهنا كان لا بد لمذيع «العربية» من تشغيل خياله ليقول مقاطعاً قصير: «ربما علم الحزب بشريط اعدامات الجرحى، فسرّب فيديو مهدي ياغي»!.
كان متوقعاً أن ينتشر الشريط كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي.
الا أنّ أموراً عدة تكشّفت تباعاً لدى التدقيق في تفاصيله (راجع مقال الزميل أحمد محسن). المدوّن أحمد ياسين تولّى المهمة على مدوّنته «لبناني». في مقالة مطولة، فنّد الشاب تفاصيل الفيديو، وتحدث عن زي المقاتلين الذين ظهروا في الشريط ويرجح أن يعود الى ما يسمَّى «قوات الدفاع الوطني» السورية التي يضع عناصرها شارة خضراء على رؤوسهم وشرائط صفراء على أكتافهم، وقارنها بالبزات العسكرية الخاصة بالحزب. انتقل بعدها الى الشواهد التاريخية وسلوك الحزب في معركة القصير، يوم بادر إلى سحب الجرحى ونقلهم الى الأراضي اللبنانية للعلاج. تفاصيل كثيرة أوردها ياسين في تحليله الفيديو، لكنّ «العربية» وغيرها لا يعنيها هذا الأمر، فـ«مهنيّتها» تقضي بالسير على خطى علي الأمين الذي اعتبر «اللقطات واضحة».!
http://lobnene.com