لا تكفّ قناة channel 4 عن إثارة الجدل. في الخريف الماضي، عرضت برنامج Drugs live الذي يصوّر متطوّعين يتعاطون المخدرات بهدف تحريك الرأي العام وتوعيته ضد مخاطرها كما ادّعت القناة البريطانية. وبعدما هزّ البرنامج الجمهور البريطاني، ها هي المحطة تُطلق أوّل من أمس برنامجها الجديد «صندوق الجنس» الذي تبثه مباشرة على الهواء. أثار Sex Box زوبعة من النقاشات حول أهدافه وتوجّهاته، حتى قبل أن يبصر النور.
يقوم البرنامج الذي يمتدّ ساعة من الوقت على استضافة ثلاثة أزواج في علبة كبيرة عازلة للصوت داخل الاستديو، حيث يمارسون الجنس أمام الكاميرات والجمهور. بعدها، يُفتح نقاش مع اختصاصيين في علم النفس والشؤون الجنسية حول تلك العلاقة. يُلقي البرنامج الضوء أيضاً على خصوصيات أزواج، ومخاوفهم اليومية، بمشاركة مقدّمة البرنامج ماريلا فروستروب.
يأتي هذا البرنامج ضمن حملة «نحو جنس حقيقي» For real sex التي تهدف إلى «ضبط الانفلات في المملكة المتحدة عبر مشاهدة الأفلام الإباحية التي ساعدت الثورة التكنولوجية على انتشارها». كذلك ترمي الحملة إلى إعادة الاعتبار إلى معنى «الحبّ كشعور يفوق ممارسة الجنس من أجل الجنس فقط». هذه الفكرة فتحت باب النقاش واسعاً حول جدوى وهدف برنامج «صندوق الجنس» الذي دافعت عنه القناة بالقول «إنّه لا يقع في خانة البورنوغرافيا، والإثارة، بل هو إنتاج يهدف إلى الحدّ من انتشار أفلام البورنو التي «تضرّ بالصحة الجنسية للشريكين، بعيداً عن الكليشيهات والمواد الإباحية المتاحة وغير الصحيحة». ومن أهم أهداف البرنامج أيضاً «علاج مشاكل العجز الجنسي عند المرأة والرجل». ونشرت «هيئة الإذاعة البريطانية» bbc مقالاً حول البرنامج لفتت فيه إلى أنه سيتناول «ثلاثة أنواع من العشاق: الأول هو خطيبان جمعتهما علاقة حبّ منذ الطفولة، والثاني زوجان في العشرين من عمريهما، والأخير مثليّا الجنس في الثلاثين».
وبحسب صحيفة «دايلي مايل» البريطانية، دافع أحد القائمين على البرنامج بأن فكرته «مبتكرة تطرح القضايا الجنسية بأسلوب جديد، إذ يمكن التحدث عن هذه القضايا بشكل فوري بعد الخروج من الصندوق». لكن هذه الحجج لم تقنع الرأي العام البريطاني والعالمي. هكذا، وصف البعض البرنامج بأنّه «يقع تحت خانة البورنوغرافيا، ويؤدي إلى زعزعة القيم الاجتماعية». وطُرح تساؤل حول عرض الحميمية بطريقة سافرة، مع أهمية طرح القضايا الجنسية لكن ليس بهذا الشكل «التجريبي». كذلك، كان للاختصاصيين الاجتماعيين في عالم الميديا رأيهم حول جدوى هذا البرنامج، وما سيجلبه من منفعة للمشاهدين غير «السخرية» و«تحريك المخيلة». وطرحت إشكالية مهمة تتعلّق بمدى طبيعية وصدقية هذه الممارسة الجنسية العلنية أمام الكاميرا والجمهور. شكّك هؤلاء في «الذريعة الأخلاقية» التي يقدّمها القائمون على البرنامج، واعتبروها «غير صادقة»، ولا تمتّ إلى العفوية بصلة. وتساءلت الاختصاصية الاجتماعية في عالم الميديا ناتالي نادود البرتيني «تخيّلوا أنّ داخل هذه الغرفة محلّلين يسألونك عن مشاعرك، وإحساسك بعد العملية الجنسية؟». وأردفت «لم يعد نافعاً التحجّج بالتوعية في كل مرة نريد محاربة البورنوغرافيا ومقاربة العلاقات الجنسية».

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab