عمّان | بعد حجب السلطة الأردنية المواقع والصحف الإلكترونية المستقلّة (الأخبار 5/6/2013)، تبيّن لصنّاع القرار استحالة منع وصول المعلومة إلى الرأي العام. التقنيّات التي لجأت إليها المواقع المحجوبة، سواء بتغيير امتداداتها (domains) أو باستخدام شبكة التواصل الاجتماعي، مكّنت الصحافة المستقلّة من فرض وجودها والاستمرار رغم الحجب العرفي.
عجز السلطة عن حجب الحقيقة ومصادرة حريّة الصحافة يفسّر موقف مدير دائرة المطبوعات والنشر، فايز الشوابكة الأخير. في تصريحات لـ«راديو البلد»، قال الشوابكة إنّ المواقع الإخبارية المحجوبة التي غيّرت امتداداتها (domains names)، ستُحال إلى القضاء وفقاً لقانون حجب المواقع الإخبارية، بتهمة «التحايل» على القانون.
الغريب أنّ الشوابكة استند في اتّهامه إلى أنّ هذه المواقع قدّمت لدائرة المطبوعات والنشر بياناتها متضمّنة امتدادات محدّدة، قبل أن تغيّرها بعد صدور قرار الحجب، رغم أنّ هذه المواقع لم تُرخّص أساساً ولم تقدّم للدائرة بيانات تتعلّق بتصويب أوضاعها وفقاً لتعديلات قانون المطبوعات. تعديلات تُعارضها الصحف المستقلّة انطلاقاً من إيمانها بحريّة الإعلام، ورفض تقييد الصحافة بقوانين مناهضة لحريّة الرأي والتعبير.
خبراء قانونيون سلّطوا الضوء على هذه «الواقعة الماديّة» التي يمكن إثباتها أمام القضاء، مؤكدين أنّ المواقع الإلكترونيّة التي غيّرت امتداداتها لم تُرخّص أساساً، ولم تقدّم لدائرة المطبوعات والنشر بيانات تتعلّق بأوضاعها. كما أنّ قانون المطبوعات المعدّل لا ينطبق على المواقع الإلكترونيّة العاملة خارج الأردن.
ويلفت محامون إلى أنّ تصريحات مدير الدائرة تتناقض مع أحكام قانون المطبوعات نفسه، ولا سند لها على أرض الواقع، لأنّ القانون لا ينصّ على جريمة تغيير الـdomain name، بل يشير إلى أنّ «كل امتداد جديد هو موقع جديد». في ظل عدم إلزام المواقع بالترخيص بعد تغيير الإمداد، تكمن المخالفة في مبدأ الحجب نفسه. كيف؟ يعرّف قانون المطبوعات المثير للجدل المطبوعة الإلكترونيّة بأنّها «كلّ موقع إلكتروني له عنوان محدّد على الشبكة العنكبوتية، ويختار التسجيل في سجلّ خاص بدائرة المطبوعات والنشر ينشأ لهذه الغاية»، ما يعني أنّ الموقع الذي لا يختار التسجيل غير ملزم أساساً بشروط الترخيص.
في النهاية، الجدل القانوني حول «تحايل» الصحف الإلكترونيّة غير المرخّصة على القانون لا يعبّر عن جوهر المسألة، فالمشكلة الحقيقيّة تتمثّل في التعديلات الأخيرة التي جرت على قانون المطبوعات في محاولة لفرض الوصاية الرسميّة على الفضاء الإلكتروني.
رغم أنّ العاملين في المواقع الإلكترونيّة يحاولون خوض معركتهم القانونيّة استناداً إلى القانون ذاته الذي يعترضون عليه، تبقى مهمّتهم الأساسيّة محاولة تشكيل رأي عام ضاغط يدفع السلطة إلى التراجع عن تلك التعديلات التي تلزم الصحف الإلكترونيّة بالترخيص والخضوع لشروط تقيّد حريّة الإعلام.