القاهرة - أعرب عدد من المبدعين والنقاد عن سعادتهم بفوز أحمد فؤاد نجم بـ«جائزة الأمير كلاوس»، معتبرين أنّ التكريم الهولندي كشفٌ لعورات الثقافة المصرية وتجاهل المؤسسات الرسمية للمبدعين. الباحث والناقد سيد ضيف الله قال: «أحمد فؤاد نجم شاعر فرض نفسه منذ ديوانه الأول «صورة من الحياة والسجن» الذي فاز بالمركز الأول في جائزة الكتاب الأول التي نظمها «المجلس الأعلى للثقافة» وقتئذ.
لكن الأهم من الجائزة من وجهة نظري هو أن تقوم الدكتورة سهير القلماوي تلميذة طه حسين النجيبة بكتابة مقدمة لديوان شاعر العامية الشاب أحمد فؤاد نجم. إنه اعتراف أكاديمي مبكر بشعر العامية يعزّزه إطلاق الدكتور علي الراعي على أحمد فؤاد نجم لقب «الشاعر البندقية»». وعن أسباب الاحتفاء الأكاديمي المبكر بشعر العامية، وبنجم، قال صاحب «كيف نحكي المواطنة»: «مباركة نجم وشعر العامية جاء في سياق سعي «ثورة يوليو» إلى احتواء الأصوات المعبرة عن الشعب في المؤسسات الثقافية، فضمت بيرم التونسي للمجلس الأعلى للثقافة، واختارت صلاح جاهين مبشراً بمستقبل تصنعه، واعتقلت فؤاد حداد لخروجه السياسي عن إطار الاحتواء الموضوع لشعراء العامية حينذاك».
وعن ردّ نجم على الاحتفاء الأكاديمي، بيّن ضيف الله: «في فترة السادات، يصرخ نجم محتجاً، ويحمل الشيخ إمام كلماته لتصل الآفاق، فلا تحتاج لاعتراف أكاديمي بعدما وصف الشاعر الفرنسي لوي أراغون شعر نجم بأنّ فيه قوة تسقط الأسوار، وهو ما دلل عليه الرئيس السادات حين منحه لقب «الشاعر البذيء». لقد انكسر طوق الاحتواء مع نجم الذي حاولت السلطة الثقافية والأكاديمية أن تأسر به شعر العامية لاسيما الأغنية السياسية الاحتجاجية».
وشدد صاحب كتاب «الإسلام والديمقراطية» على أنّ النقد الذي يتجاهل نجم/ الشيخ إمام هو نقد أسير لرؤية المؤسسة السياسية والثقافية العاجزة عن تحرير نفسها من رؤية التراث النقدي المهيمنة على عقول أقسام دراسة الأدب في جامعتنا. وفي هذا السياق تأتي «جائزة الأمير كلاوس» لتكشف «عورة مؤسساتنا الثقافية والأكاديمية، وليس فقط لتكريم نجم على تأثيره المتواصل على الأجيال المتعاقبة على طريق الاحتجاج السياسي في مصر والعالم العربي». وتابع: «إن وعي نجم بحالة الأسر التي تتجاوز المؤسسات الثقافية والأكاديمية لتطول المحرومين من الحرية في كل أرجاء العالم كان مبكراً، وهو ما يكشفه رثاؤه لغيفارا في عام 1986».
الروائي والشاعر أحمد إبراهيم الشريف، قال: «لو لم يكن نجم موجوداً لاخترعناه، فهو امتداد مباشر لنموذج شعري مستمر بطول الثقافة العربية والإنسانية. الشاعر سريع البديهة، عميق التأثير، الساخر، صاحب اللغة القريبة من حياة الناس ومن استخداماتهم اللغوية. ساعدته على ذلك حياته التي امتلأت بالمعارك السياسية والمنعطفات الحاسمة كثورة 1952، والنكسة، وتظاهرات الطلاب في أعوامها المختلفة، حرب أكتوبر، الانفتاح الاقتصادي، كامب ديفيد وما لحقها من تحولات، وصولاً إلى ثورتي «يناير» و«يونيو»». وتابع: «استطاع نجم صنع صورة نموذجية للشاعر الذي يعيش تجربته، لذا صنع صدق التجربة. ساعده في ذلك امتداد عمره، ما سمح له بالتعليق على مختلف الأحداث». وأضاف: «تعليقاته جاءت متسقة مع مبادئ ومواقفه السياسية والأخلاقية والإبداعية، فلم يتلون أو ينافق أي سلطة، وهو ما يبعث فى أذهاننا أسئلة متعلقة بالثقافة والسلطة والعلاقة بينهما والمأزق الثقافي الذي تجد السلطة نفسها متورطة فيه، كما يطرح أسئلة متعلقة بمفهوم الحظيرة والبرج العاجي والانسحاق والتبعية والتوجيه».
من جهته، أوضح الشاعر الشاب سالم الشهباني أنّ نجم واحد من الذين ساعدوه في مسيرته، إلى جانب من قدّمه من شعراء آخرين. وتابع صاحب ديوان «شبر شبرين»: «نجم لا يغمض عينيه عن أي موهبة شابة حقيقية، والجائزة تكريم لمشواره ولشعر العامية المصرية، ويدفع بشعراء العامية للمواصلة والتجديد والابتكار، وإن ظل حلم التكريم الرسمي من الدولة المصرية أهم بكثير». وأكّد الشهباني أنّ نجم «أيقونة الثورة المصرية تم إحياؤه مرة ثانية مع تظاهرات «يناير» و«يونيو» الأخيرة».