منذ 9 تموز (يوليو) أي تاريخ تعيين طلال المقدسي مديراً مؤقتاً لـ«تلفزيون لبنان» بصلاحيات رئيس مجلس إدارة بناء على قرار قاضي الأمور المستعجلة جاد معلوف، لم تنته فصول المدّ والجزر في القناة. سرعان ما طفت الصراعات الى السطح بدءاً من المشاكل المالية المزمنة التي أسهمت في تخبّط التلفزيون الرسمي، وبلوغه مرحلة مزرية مروراً بإقصاء الوجوه التي يتعدى عمرها الثلاثين عاماً وكان لها باع طويل في القناة، واستبدالها بوجوه شابة للظهور على شاشة نشرات الأخبار ومنع الموظفين من التحدث مع الإعلام، وصولاً إلى القطيعة التي حدثت في الأيام الأخيرة بين الموظفين والإدارة وتكريس هذا التشنّج بسبب سوء التواصل وفق ما يكشف مصدر لـ«الأخبار». يستنكر الأخير التركيز على العنصر المادي الذي تعلَّق عليه كل نقاط عجز القناة، بينما يجري إغفال العنصر البشري وسوء استثمار الكفاءات والخبرات. المقدسي الذي أتى بدعم قوي من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، يخصّ دوماً تسريبات أخباره لصحيفة محلية معروفة، وكان آخرها تسريب قرار اعتكافه عن ممارسة مهامه بدءاً من 10 أيلول (سبتمبر) في حال لم يتلقّ مبلغ 22 مليون دولار لتغطية النفقات الناجمة عن وجوب دخول المحطة في العصر الرقمي (15 حزيران/ يونيو 2015) وما تحتاج إليه من معدات تقنية غائبة عنها اليوم، بالإضافة الى تغطية رواتب الموظفين التي تأخرت في الأشهر الماضية.
وكان المقدسي قد أرسل في 31 تموز (يوليو) و12 آب (أغسطس) كتابين الى وزارة الإعلام لصرف الأموال. بالطبع، فهذا الأمر منوط بوزارة المالية وبوزيرها محمد الصفدي الذي يحتاج بدوره الى «إجراءات استثنائية» لتنفيذ هذا الأمر كما يقول وزير الإعلام وليد الداعوق لـ«الأخبار»، بما أنّ الحكومة الحالية في حالة تصريف أعمال ويصعب إنجاز هذا الموضوع بشكل سريع. وكشف الداعوق عن موافقة الصفدي على صرف جزء من المبلغ المطلوب الذي يصل الى مليون دولار في انتظار «الإجراءات القانونية» لصرفه. طبعاً، لن يكون هذا المبلغ كافياً لتغطية العجز الهائل في التلفزيون. إذاً، لا تأكيد إن كان المقدسي معتكفاً أم لا في ظلّ تعذّر التواصل معه، لكنّ الأكيد أنّه لم يداوم في التلفزيون أمس كما جرت العادة. وقد يعيده تحريك قضية صرف الأموال عن قراره في حال اتخذه في الأصل. وفي ما خص موضوع دخول التلفزيون العصر الرقمي، يتحدث الداعوق بكثير من الإيجابية والتفاؤل، مشيراً إلى أنّ التنسيق جار مع وزارتي الاتصالات والداخلية والأجهزة الأمنية من أمن عام وجيش لتكون القناة على جهوزية للرقمي في موعده المحدد. علماً بأن المحطة ستكون المستفيد الأكبر من هذه العملية لو تمت بنجاح عبر جعلها محطة مركزية تجمع هوائيات المحطات المحلية لديها مقابل حصولها على إعالة مادية قد تساعد في سدّ بعض ثغر العجز المالي.