«استقالة نقيب الصحافة محمد البعلبكي مع 11 من أعضاء المجلس». الخبر، للوهلة الأولى، يوحي بأنّ رياح التغيير هبّت على المؤسسة العجوز. لكن السبب هو «الوضع الصحي» للنقيب، كما علمنا من مصدر داخل «نقابة الصحافة» اللبنانيّة، بين «أسباب أخرى» لم يشأ الإفصاح عنها.
تعود استقالة النقيب البعلبكي الذي لم نتمكّن من التواصل معه، إلى مساء الإثنين. لكن بعض أعضاء المجلس النقابي بذل قصارى جهده لابقاء الخبر طيّ الكتمان، ومنع تسرّبه إلى الاعلام، في انتظار ايجاد مخرج مناسب. والحدث ليس عاديّاً في النهاية، فالنقيب قرر أن يغادر مكتبه الشهير في الروشة، بعد أكثر من ثلاثة عقود على رأس هذه المؤسسة النقابيّة، أعيد انتخابه خلالها ٨ مرّات. والاثنين واكب البعلبكي في خطوته التاريخيّة، ما لا يقلّ عن 11 عضواً قدّموا استقالتهم. وفي حال قبل مجلس النقابة الاستقالات خلال اجتماعه المقرّر في 18 أيلول (سبتمبر)، سيعتبر في حكم المحلول. كل ذلك يفسّر مناورات الكواليس مساء الاثنين للضغط على البعلبكي للتريّث، إلى حين «ترتيب الأجواء الداخلية لانتقاء بديل له». لكن المحاولات لم تؤت ثمارها حتّى الآن. أما المستقيلون الآخرون، فيبدو أن لهم ملاحظات عدّة على طريقة عمل المجلس في السنتين الماضيتين، إذ لم يكتمل النصاب في أي من الاجتماعات التي دُعي إليها أعضاؤه الـ ١٨. وإذا قُبلت استقالة البعلبكي وزملائه، فسيستمر المجلس في تصريف الأعمال حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، على أن تجري الانتخابات في كانون الأول (ديسمبر).
المجلس الذي يخضع ككل المؤسسات اللبنانيّة المماثلة للتوازنات الطائفيّة، يراعى في تسمية رئيسه شروطاً مذهبية أيضاً. لذا يرجّح أن يكون خليفة البعلبكي هو صلاح سلام، رئيس تحرير صحيفة «اللواء». «ما زال مبكراً الحديث في هذه المسألة»، يقول سلام الذي اتصلنا به، متجنّباً الخوض في التفاصيل، ومشدداً على أنّ «الاستقالة ليست نهائية. كل شيء يتضح الأسبوع المقبل».
ها هي نقابة الصحافة اللبنانية إذاً في دائرة الضوء من جديد، تواجه أسئلة حول طبيعتها ومصيرها. تلك الأسئلة التي كان قد طرحها، قبل أشهر، مشروع قانون الاعلام الذي تقدّم به النائب غسان مخيبر، ويعيد النظر بتركيبة النقابة التي تمثّل في الحقيقة أصحاب الصحف. أي تضمّ عمليّاً مجموعة واسعة من أصحاب الامتيازات التي لا تصدر، ما يشوّه قواعد اللعبة وآليات اتخاذ القرارات. وتجدر الاشارة إلى أن المجلس المهدّد اليوم، لم يقدّم منذ دهر أي إنجاز لتحسين صناعة الصحافة وتطويرها، ولم ينتفض في السنوات الماضية إلا حفاظاً على مكتسباته. فهل الأولويّة اليوم هي البحث عن خلف للبعلبكي، أم إعادة النظر في الأطر القانونيّة التي تحكم هذه المؤسسة التي يفترض أن تسمّى «نقابة أصحاب الصحف»، وأن تفصل تماماً عن نقابة المحررين، أو بالأحرى «نقابة الصحافيين اللبنانيين» كما نتمنّى؟…

يمكنكم متابعة نادين كنعان عبر تويتر | @KanaanNadine