يقدم «مركز بيروت للفن» معرضاً للفرنسي جان لوك مولان (١٩٥٥) تحت عنوان «أعمال». اشتهر مولان بأعماله الفوتوغرافية، لكنّه يعمل أيضاً في النحت والتجهيز والفيديو ووسائط أخرى. بين ١٩٩٩ و٢٠٠٢، قدم مولان إلى لبنان، وعمل على مجموعة صور مع أهل صيدا. يومها، عرض على جدران المدينة بورتريهات التقطها لأهل صيدا، قاصداً المزج بين العام والخاص. بورتريهات قدّمها إلى أصحابها بعد العرض، لتتحول من عمل فني تمتلكه غاليري إلى غرض خاص يكتسب مسيرة جديدة في حياة مدينة صيدا.
حتى إنّ أحد تلك البورتريهات لشاب صيداوي استعمله أهله لاحقاً في جنازته. قِسم من تلك المجموعة يُعرض اليوم على الدرج المؤدي إلى الطابق الثاني من «مركز بيروت للفن»، وقد تكون الأكثر قيمة بين الأعمال الأخرى المعروضة، ليس بسبب قصتها، بل لأنها تدعو المشاهد إلى التفاعل المباشر معها. أما في الطابق الأول، فيتوزع المعرض إلى أربعة أقسام. في القسم الأول، يُستدرج الزائر إلى مساءلة علاقة جسده وتحركاته بالأعمال المعروضة والمساحة. لتلك الغاية، أنتج مولان عملاً خاصاً لمعرضه البيروتي. إنّه عمل ضخم يتوسط الصالة الأولى في «مركز بيروت...»، مؤلف من مستطيلين فولاذيين بالأحمر والأزرق جرى تثبيتهما بأعمدة الصالة. حجم العمل والخطوط والزوايا التي يرسمها ضمن فضاء المعرض، تحدد حركة الزائر في المساحة الباقية. في المقابل، رفع مولان على جدران الغرفة صوراً تظهر وضعيات مختلفة لأجساد ضمن مساحات منوعة. عبر توزيع تلك الأعمال، أراد دفع المشاهد إلى إدراك جسده ووضعيته في المساحة التي يحتلها. أما في القسم الثاني، فيدعونا إلى إعادة التفكير في عملية الإنتاج الصناعي، مسائلاً النماذج التي أصبحت جزءاً أساسياً من استهلاكنا اليومي. تجد مثلاً صورة لكرسي بلاستيك، وأربع لوحات مونوكروم ملونة بحبر ألوان أقلام الـ BIC، إضافةً إلى مرآتين جرى تثبيتهما في زوايا الغرفة، وتمتد من كل منهما قطعة قماش إلى الحائط. تصل إلى القسم الثالث، فتجد منحوتة مصنوعة من جمجمة مصبوبة بمادة الباطون، وصوراً يمثل الجسد محورها. أما في القسم الأخير، فيعالج مولان الأداءات اليومية مركّزاً على التفاصيل. في الوسط منحوتة خشبية تظهر كيفية إعادة تدوير الخشب في الإسكندرية، ويعرض في العمق فيديو يقدم طرقاً مختلفة لغسل الأطباق، إضافةً إلى رسوم موزعة في الغرفة مرسومة بحبر الـ bic أيضاً. تلك هي أعمال المعرض التي قد تجذب المشاهد أو قد لا يرى فيها سوى صورة لكرسي ومرآة وقطع خشبية، وخصوصاً أنّ الفنان اختار ترك أعماله دون تفسير. ويعود ذلك إلى تأثره بطرح رولان بارت المتمحور حول فكرة موت المؤلف، الذي يفسح مجالاً للمشاهد لتأويل العمل، بعيداً عن فرض الفنان قراءته الخاصة.



«أعمال»: حتى 12 تشرين الأول (أكتوبر) _ «مركز بيروت للفن» (كورنيش النهر _ بيروت) _ للاستعلام: 01/397018