حالما أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن نيّته توجيه ضربات «محدّدة وضيّقة» لسوريا «حماية لأمننا القومي، وأمن حلفائنا إسرائيل وتركيا والأردن»، استنفرت وسائل الإعلام حول العالم استعداداً للحرب. على مقربة من سوريا، وفي قلب بيروت تحديداً تشكّلت خلايا نحل إعلامية في مختلف القنوات المحلية والإقليمية والدولية تحسباً لصدور أمر العمليّات «في أي لحظة».في انتظار قرار الرئيس الحائز جائزة «نوبل» للسلام عام 2009، وصلت إلى «ست الدنيا» أخيراً فرق صحافية أجنبية عدّة، أبرزها من شبكة «آي. بي. سي.» الأميركية التي قرّرت إعادة فتح مكتبها في لبنان المقفل منذ 1985 على نحو دائم. مصادر مطلعة أكدت لـ«الأخبار» أنّ التحضيرات للعودة بدأت قبل شهر، لافتة إلى أنّ اهتمام الشبكة بلبنان يأتي «على محوري لبنان ــ سوريا، ولبنان ــ إسرائيل».

محطة «سي. أن. بي. سي.» الأميركية حجزت مساحة لها أيضاً، وكذلك فعلت «يورو فيزيون» البريطانية و«فرانس 24» الفرنسية، فضلاً عن فرق انضمت إلى مكاتب محطاتها الدائمة في العاصمة اللبنانية مثل «سي. أن. أن.»، و«سكاي نيوز عربية»، و«بي. بي. سي.». المصدر نفسه أكد أنّ استعداد هذه المحطات وغيرها من الفضائيات العربية كـ«العربية» و«الحرّة» خفّت وتيرته بعد خطاب أوباما الأخير السبت الماضي، مشدداً على أنّ «الجهوزية كانت في أقصى مستوياتها، كما أنّ تجهيزات النقل الخارجي والمباشر (عربات SNG وغيرها) كانت حاضرة في لبنان والأردن وتركيا، تحسباً لتوسّع المعركة». وتابع المصدر قائلاً: «قالوا لي إنّ العملية تأجّلت حتى التاسع من أيلول (سبتمبر) الجاري»، وهو موعد عودة «الكونغرس» الأميركي للانعقاد بعد عطلته، موضحاً أنّ تجميد التجهيزات يظهر جليّاً حين تلجأ هذه المؤسسات إلى «التخفيف من مصاريفها، فيما لم تكن تسأل عن التكلفة أثناء التحضيرات السابقة». في موازاة ذلك، لوحظ أنّ الكثير من المراسلين الذين استقدموا إلى بيروت بدأوا بمغادرتها في الساعات الماضية، على أن يلحق بهم آخرون، مع بقاء احتمال عودتهم في أي وقت وارداً وفقاً للتطوّرات.
الاستنفار نفسه ساد أروقة الفضائيات العربية، وعلى رأسها «الميادين»، التي أكد مدير الأخبار فيها سامي كليب لـ«الأخبار» أنّ «خطة الطوارئ الإعلامية» جاهزة للتنفيذ في أي لحظة. خطة تبدأ من قلب الحدث في سوريا، حيث وزّعت قناة «الواقع كما هو» شبكة واسعة من المراسلين تغطي مختلف المحافظات، إضافة إلى استحداث تقنيات تجنّبها خطر التشويش (وخصوصاً الإسرائيلي) الذي تتعرض له عادة، فضلاً عن التجهيز للبث المباشر في الكثير من الدول العربية، ولندوات وبرامج تذاع من هذه الدول. التعديلات على شبكة البرمجة بدأت بالفعل، بإدخال «هنا دمشق» (يومياً ــ 17:00) عليها، كما أنّ كل إجازات الموظفين في لبنان وخارجه ألغيت في المدى المنظور، فيما الجميع مستعد لـ«المواجهة»، رغم أنّ «كلام أوباما الأخير برّد الأجواء قليلاً»، وفق ما قال كليب.
قد يكون من السذاجة سؤال «المنار» عن استعداداتها للحرب، هي التي تتقن التعامل معها، وتشكّل بحد ذاتها أداة أساسية في الحرب ضد إسرائيل. «نحن متعوّدون على الحرب ونتوقعها في أي وقت»، يقول مدير الأخبار في القناة علي الحاج يوسف. ويضيف إنّ «الخطة الاستثنائية حاضرة في لبنان وسوريا، بما فيها الإجراءات العملانية وتلك الخاصة بالحماية». تحدّث الحاج يوسف عن إنجاز الجزء الأكبر من المواد مثل «تقارير معدة مسبقاً عن الحروب الأميركية في المنطقة ومجازرها ضد الإنسانية في العالم، وخرائط لسوريا والمنطقة، معتمدين أسلوب الغرافيكس والأبعاد الثلاثة». صحيح أنّ «المنار» تستعد كغيرها من القنوات الزميلة، لكنّها تتعاطى مع دورها في العدوان الأميركي المحتمل من منطلق أنّه «رغم حرصنا على توخي الدقة والتوازن، إلا أنّنا طرف. الأميركي خصم لأنّه يعمل ضد مصالح الأمّة، لذلك لا نستطيع الحياد»، يقول الحاج يوسف.
حالة التأهب في صفوف العاملين في أقسام الأخبار طالت كواليس محطات لبنانية أخرى كـ«الجديد»، والـ mtv، والـ lbci. وتحدث مدير الأخبار في الـ otv طوني شامية عن لوائح أعدت تشمل أسماء ضيوف ينتمون إلى مجالات مختلفة، بينهم «خبراء عسكريون، واختصاصيون في الاستراتيجيا والعلاقات الدولية»، مضيفاً إنّ «كل موظفي قسم الأخبار جاهزون لأي طارئ، وكذلك مراسلونا في المناطق»، ولافتاً إلى تعاون تقني محتمل مع «الحرّة» و«الميادين» وغيرهما. كلام المسؤولة الإدارية في غرفة الأخبار في lbci لارا زلعوم، يشير إلى أنّ الحالة نفسها تنطبق على القناة اللبنانية العريقة، الأمر الذي تشي به أيضاً أجواء mtv، و«الجديد» حيث يوجد فريقان كاملان مستعدان للذهاب إلى سوريا في حال حدوث أي تطوّر. إذاً، «عدّة الشغل» الإعلامية باتت حاضرة في انتظار العدوان «الموعود» والكل ينتظر إشارة أوباما!




مالبرونو في دمشق


من جملة المراسلين الأجانب، الذين تدافعوا على أبواب دمشق في الأيّأم الأخيرة تحسباً لبدء الاعتداء الأميركي، الصحافي جورج مالبرونو (الصورة) مراسل جريدة «لو فيغارو» الفرنسية المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، وتحديداً لبنان وسوريا و«حزب الله» والصراع العربي ــ الإسرائيلي. وكانت أولى مراسلاته مقالة مستوحاة من رحلته البرّية في الطريق بين بيروت ودمشق. في هذه المقالة، يصف مشاهداته الأولى وانطباعاته، ويعبّر عن دهشته من عدم وجود هجرة كثيفة في اتجاه لبنان، ويصف الحياة اليومية في عاصمة الأمويين، إذ بدا كل شيء «عادياً» لمالبرونو المعروف بنشره مقالات مضرّة بالمقاومة، معتمداً على وثائق من الاستخبارات الأوروبية. ويختم جورج مالبرونو مقالته متسائلاً: «إلى متى تبقى الطمأنينة مخيّمة على دمشق؟».