القاهرة | مثل فتحة النقاب التي بالكاد تبصر الضوء، تتسرّب قناة «ماريا» للمنقبات التي انطلقت قبل حوالي عام إلى قناة «الأمة» السلفية. تأخذ «ماريا» من إرسال «الأمة» اليومي ثلاث ساعات، لتطلّ على الشاشة مجموعة من الأشباح مرتدية السواد بأصوات نسائية، مشغولة في فقه المرأة وبرامج الأطفال. اسم القناة المستوحى من السيرة النبوية لواحدة من زوجات الرسول هي ماريا القبطية، يؤكّد على هوية مصر الإسلامية الموغلة في القدم من قبل فتحها في عصر عمر بن الخطاب. هي ثنائية الخصوصية الإسلامية لمصر التي يتشدّق بها الإسلام السياسي ويُشرعن بها خطابه الشعبوي.
قناة «الأمة» صاحبة الاستضافة مملوكة للرجل المثير للجدل والفتن الطائفية في الشارع المصري وهو أحمد عبد الله، المعروف بكنيته أبو إسلام.
كان الأخير قد قطّع الإنجيل أمام السفارة الأميركية على خلفية فيلم مسيء للرسول في أيلول (سبتمبر) الماضي، ودعا على قناته إلى التخلّص من أعضاء «جبهة الإنقاذ»، وأفتى بأن قتلهم حلال، لكنه تراجع عن قراره في حزيران (يونيو) الماضي، قبل أن يُحكم عليه في قضية ازدراء الأديان بـ 11 عاماً. جمّدت القناة أنشطتها هذه الأيام لغاية عودة محمد مرسي، إلا أنّ قناة «ماريا» ما زالت مستمرة. كما أنّ فتاويها تلقى رواجاً على الفايسبوك ويوتيوب، خصوصاً تلك التي تخصّ المرأة، وهي المفارقة المضحكة. تطلّ على الشاشة امرأة لا يظهر منها غير صوتها، وتتحدّث عن ضرب الزوج لزوجته وتقويمها نفسياً. منذ فترة، تناقلت صفحات الفايسبوك طرائف عن برامج الأطفال في المحطة على غرار: «مش ممنوع على العيال يتفرّجوا على أفلام رعب في السنّ ده».
أطرف هذه التعليقات «أكتر مذيعة عجبتني اللي في النص»، في إشارة واضحة إلى عدم تمييز أيّ ممن يظهرن على الشاشة.
رغم هدفها الرامي إلى «مواجهة الإعلام الليبرالي» بحسب مديرها إسلام أحمد (ابن أبو إسلام)، فقد خرجت فتاوى سلفية متشدّدة تحرّم ظهور النساء اللواتي يرتدين النقاب على الشاشة، لما فيه من المفاتن والمفاسد على المجتمع. إذ أكّد السلفي أبو إسحاق الحويني أن ظهور المذيعات المنقّبات على التلفزيون «حرام شرعاً».
وتساءل الحويني «هل الرجال خرس كي نستعين بهؤلاء؟». لا يمكن مصادرة حقّ كل فرد في الإعلان عن هويته الدينية أو الاجتماعية، ولا يحقّ لأحد أيضاً الاعتراض على لباس معيّن. لكن الأزمة تكمن في ظهور كائنات سوداء على الشاشة وإصباغها بسمة الإسلام، مما يعطي تصوّراً ضيّقاً عن الإسلام، كما يلغي أهم مقاصد الإعلام أي التواصل.