شهد «مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي» الذي يستمر حتى يوم الخميس 10 كانون الأول (ديسمبر)، العرض الأول لفيلم «مدام كوراج» في بلد مخرجه الجزائري مرزاق علواش (1944) الذي كان قد غاب عن افتتاح فيلمه في «مهرجان القاهرة السينمائي» الشهر الفائت؛ ليحضر في عنابة ويفتتح الفيلم، متحدثاً بالفرنسية إلى الجمهور الذي اكتظت به القاعة. عَقبَ عرض الفيلم، جلسة مع الصحافة كانت بمثابة فرصة مناسبة لسؤال علواش عن موقفه الصريح تجاه التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ كان فيلمه المذكور قد شارك في «مهرجان حيفا الدولي للأفلام» في أيلول (سبتمبر) الماضي. وقبلها لم يتردد في المشاركة في «مهرجان لوكارنو» السويسري الذي تلقى دعماً سخياً من دولة الاحتلال التي كانت ضيفة شرف على المهرجان في آب (أغسطس) الماضي.

شارك شريطه «مدام كوراج» في «مهرجان حيفا الدولي للأفلام»

لم يجب صاحب «نورمال» عن سؤالنا. كان تعليقه أشد وطأة من اعترافه بالتطبيع. اكتفى بالقول إنه «مع الشعب الفلسطيني» وإن الفيلم «عرض في حيفا، ولكن تم إهداؤه لعرضه في سينما فلسطينية في القدس» على اعتبار أن هديته تلك تعبر عن تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني! طبعاً، لا ندري عن أي سينما يتحدث، إذ لا وجود لأي سينما فلسطينية في المدينة المحتلة! فيلم «مدام كوراج» المشغول بحرفية عالية ــ وهذا موضوع آخر ــ الذي خرج هذا العام بإنتاج جزائري فرنسي مشترك، تدور أحداثه حول مراهق مهمَّش مدمن على المخدرات. ولدى مراجعتنا لتاريخ علواش، سيخيل إلينا مع كل أسف أنه يكاد يدمن التطبيع مع الاحتلال أيضاً. وإذا كان صاحب «السطوح» مصراً على مصافحة القتلة، فهذا خياره الشخصي الأخلاقي والإنساني بالطبع، لكن يبقى السؤال مطروحاً لوزارة الثقافة الجزائرية التي موَّلت «مدام كوراج» بأكثر من نصف مليون يورو، كما ورد في الصحافة الجزائرية والعربية، والتي عودتنا أن تخرج مستنكرة عند كل زلة أو فضيحة. لا نزال نذكر مشاركة فيلم «الوهراني» في «مهرجان إسدود» وكيف انسحب مخرجه إلياس سالم في آخر اللحظات إثر الضغوط التي تعرَّض لها. لماذا لا يوجد حتى الآن موقف واضح وصريح من الوزارة ومؤسساتها حول الدعم المالي وعلاقة الأعمال المموَّلة مع التطبيع؟ من المؤسِف والمفزع أن تتحول أموال الجزائريين الذين خاضوا نضالاً طويلاً مع الاحتلال إلى وقود سهل للتطبيع مع المحتل.