يحيي الفنان زياد الرحباني أمسيةً وحيدة، غداً الخميس، ضمن برنامج «مهرجانات زوق مكايل الدولية». من راقب النشاط الفني غير المسبوق للرحباني منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي كان بإمكانه التوقّع بسهولة بأن الأخير لن يغيب عن مهرجانات الصيف اللبنانية. كذلك، فإن مراقبة الخريطة الجغرافية لإطلالات زياد الحيّة في إطارَيها الواسع (الحفلات الكبيرة على المسارح) والضيق (الأمسيات الدورية في الحانات والنوادي الليلة)، تبيِّن أن لا «فيتو» على أي منطقة أو أي جهة تنظيمية (حتى تلك المحسوبة على جهات سياسية صديقة أو خصمة). وبالتالي، فإن هذا الفنان العنيد بقناعاته، المنفتح في تعاطيه، المحبوب من خصومه، المتمتّع بـ«كارت بلانش» من قِبَل داعيه، كان بإمكانه أن يحلّ ضيفاً عزيزاً على أي من المهرجانات... هكذا فازت «الزوق» بالرهان ودعته إلى كسروان، بعدما جال بين الشمال (لاس ساليناس – أنفِه) والمتن (ضبية وقرنة شهوان وأنطلياس) وبيروت (قصر الأونيسكو وغيره) وكسروان أيضاً (جامعة سيدة اللويزة)... هذا إذا استثنينا حفلات تعرقل تنظيمها وتم إلغاؤها أو ربما تأجيلها في العديد من المناطق بين الجنوب والشمال والبقاع... البعض اعتقد أنه سيكون في «بيت الدين» ضمن موعدٍ مؤجَّل منذ 2010، قبل أن يسمع بمساعٍ لدعوته إلى «إهدنيات». غير أن زياد اختار «الزوق» في أول مشاركةٍ له في مهرجانات الصيف، بعدما قدّم مع فيروز أجمل ليالي «بيت الدين» في السنوات 2000، 2001 و2003.
ثمة معضلة يقع فيها محبو زياد الرحباني في كل مرة يُكثر فيها من إطلالاته الحيّة. يتساءلون إن كان من الضروري حضور جميع الحفلات (وبالأخص الكبيرة منها). بعضهم، وتحديداً «الخبراء» في زياد إذا صحّ التعبير، يأخذ خياراً مسبقاً بعدم تفويت أي لقاء. البعض الآخر يدرس خياراته بحيث يقرِّر الحضور أو لا، بحسب ما ترده معلومات عن شكل الحفلة وما قد يتخللها من مفاجآت موسيقية (أغنيات جديدة، مقطوعات نادرة،...) أو غير موسيقية (ابتكارات زياد المشهدية، الآتية من شخصيته الفنية المسرحية، كما في حفلات «منيحة» عام 2009).
في كل مرّة تكون المغامرة كبيرة. فزياد فنانٌ مذهلٌ في أسلوب عمله. لذا، حتى المعلومات التي يستقيها محبوه قبل الحفلة، توحي بشيء، فيكون الواقع مختلفاً تماماً، ويكون بالتالي الندم كبيراً. هكذا حصل في حفلات الشام 2008. عرف الجمهور أن لا جديد في البرنامج، فإذا بإعادة توزيع هذا الـ«لا جديد» والتنفيذ والأداء تجعل من الموعد أهم حدث موسيقي في مسيرة الرحباني على الإطلاق. الذين حضروا هم شهود على ذلك، والأسطوانة التي صدرت وثّقت جزئياً هذه المعجزة الفنية التي احتضنتها قلعة دمشق. وهكذا يحصل غالباً، وبالأخص عندما يقرِّر زياد أمراً محورياً في برنامج الحفلة، قبل دقائق من بدئها!
قد لا ينفع هذا الكلام بالنسبة إلى أمسية «الزوق». فالبطاقات نفدت والتشويق لدفع المترددين إلى حسم خيارهم ليس له معنى كبير اليوم. لكن هذه ليست آخر حفلة لزياد!
في مقالة سابقة، ضمن ملف مهرجانات صيف 2013، أشرنا إلى أنّ الرحباني يتعاطى مع هذا النوع من الحفلات من زاوية خاصة. يوليها اهتماماً خاصاً، فيضاعف الجهود على مستوى شكل الفرقة وحجمها ويعوِّل على قدراتها التقنية فيضيف توزيعات مناسبة على كلاسيكيات معروفة من ريبرتواره، أو يدرج في البرنامج أخرى تسمح الإمكانات بأدائها الحي، كما يُخرج من الأدراج كنوزاً قديمة لا يعرفها الجمهور وأخرى جديدة. لذا، نقول باختصار: هنيئاً لمن حجز مقعداً على مدرّج زوق مكايل.

21:00 مساء غد الخميس ـــ «مهرجانات زوق مكايل» ـــ للاستعلام: 01/999666



واكتمل النصاب

الفرقة الموسيقية التي سترافق زياد الرحباني في هذه الحفلة مكتملة النصاب بعائلاتها كافة، بين النفخ الخشبي والنحاسي والوتريات والإيقاع، بالإضافة إلى المغنّين والمغنيات. إنها «الجَمعة» الأهم منذ الشام 2008. موسيقيون من لبنان ومصر وأرمينيا وسوريا وأميركا سيؤدون MEA و«اشتقتلك» و«أفلاطون» و«مهووس – Jam 71» و«لا والله» و«أمّنلي بيت» وUn Verre Chez Nous و«أنا لحبيبي» و«عودك رنّان»... ومفاجآت لا تخطر في بال أحد. أما الكلام (قراءة نصوص، اسكتشات...) فمحدود هذه المرّة لصالح النغمة، لحسن الحظ بالنسبة إلى البعض ولسوئه بالنسبة إلى البعض الآخر.