القاهرة | من السهل أن تصنع الكوميديا، ومن الصعب أن تضمن ضحك المشاهدين. هكذا يمكن تلخيص التفاوت الكبير في ردود الفعل على المسلسلات والبرامج الكوميدية التي تعرضها القنوات المصرية في رمضان هذا العام. بعدما تصدّر مسلسل «الرجل العناب» السباق مبكراً، كان السؤال ضرورياً عن أحوال المنافسين بين مسلسلات وبرامج مصنوعة لإسعاد جمهور اعتاد الأخبار السيئة على مدى عام كامل من حكم الإخوان. لكن استمرار أعمال العنف في الشارع من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي منذ مدفع الإفطار وحتى أذان الفجر كل يوم، لم يترك للمشاهدين المحاصرين أصلاً بكمّ كبير من المسلسلات فرصةً للبحث عن الكوميديا، وخصوصاً أنّ معظم الأعمال مستوحاة من مواقف شهدتها خطابات المعزول، ما جعل تلك الإيفيهات قديمة بعد عزل مرسي، وهو الأمر الذي لم يتوقعه طبعاً صنّاع هذه الأعمال عند إنجازها.
كذلك، يمكن القول إنّ ظروف عرض بعض الأعمال حالت دون دخولها الاختبار من الأساس، سواء بسبب توقيت العرض أو لعرضها حصرياً على قنوات قد لا تحظى بنسب مشاهدة عالية. وعموماً، ينافس «الرجل العناب» بقوة مسلسل «الكبير قوي» أحد أبرز المسلسلات الكوميدية في السنوات الخمس الأخيرة، إلا أنّ الجزء الثالث من المسلسل لم يحقق حتى عرض الحلقة السابعة نجاحاً يقترب من حجم النجاح الذي حققته الأجزاء السابقة، رغم ثبات فريق العمل ووجود شخصية «حزلئوم» الشهيرة ضمن أبطال الحلقات الجديدة. كان معتاداً أن يتبادل المشاهدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أبرز «إيفيهات» المسلسل ومقاطعه، لكنّ ذلك لم يحدث حتى الآن. المفارقة أنّ الشخصيات المساعدة مثل هشام إسماعيل (فزاع) ومحمد سلام (هجرس)، وبيومي فؤاد (الطبيب) تحقق ارتباطاً مع الجمهور بما يفوق بطل الحلقات أحمد مكي الذي يؤدي ثلاث شخصيات دفعة واحدة (الكبير، جوني، حزلئوم)، وسط توقعات من محبّي العمل بأن يعود إلى مستواه تدريجاً في الحلقات المقبلة. على المنوال نفسه، حظيت فوازير «مسلسليكو» لمحمد هنيدي بنسبة مشاهدة مرتفعة، لكنها أيضاً لم تحقق النجاح المتوقع. كذلك، لم تنل مسلسلات «حاميها حراميها» لسامح حسين، و«قشطة وعسل» لسمير غانم، و«جوز ماما 3» لهالة صدقي إعجاب المشاهدين. ويبدو أنّ جميعها في حاجة إلى فرصة مشاهدة ثانية بعد رمضان. وعلى العكس، نجحت معظم البرامج الكوميدية في جذب المشاهدين، وفي مقدمتها «المصري أبو دم خفيف» لرضا حامد على قناة «القاهرة والناس»، حيث وثق حامد رؤية بسطاء المصريين لحكم الإخوان المسلمين قبل أشهر من سقوطه، لكن بطريقته الكوميدية التي تعتمد على توجيه أسئلة غير مكتملة للضيف الذي يفسر السؤال على هواه ويجيب بأسلوب كوميدي مثير للشجن في الوقت نفسه.
كذلك، نجح أكرم حسني في التخلص من عباءة شخصيته الناجحة «سيد أبو حفيظة» وقدم شخصية «وسيم هدهد» على قناة «دريم»، المذيع الذي يعلّق على تاريخ مصر من خلال الانتقال عبر الأزمنة. وحظي برنامج «الوش الثاني» لعزب شو على قناة «المحور» أيضاً بنسبة إقبال جماهيري حيث واصل المونولوجيست محمود عزب تقليده للشخصيات السياسية والدينية التي تثير الجدل في مصر بعد الثورة.