فتحت هيئة «أوفكام» المعنية بتنظيم وسائل الاتصال والإعلام في المملكة المتحدة أخيراً تحقيقاً سيشمل قنوات «بي. بي. سي» و «آي. تي. في» و القناة الرابعة (channel 4) على خلفية تخصيصها مساحة للداعية الأصولي البريطاني أنجم شودري (1967) بعيد ساعات على جريمة قتل الجندي لي رغبي في ووليتش الواقعة جنوب شرقي لندن في 22 أيّار (مايو) الماضي. وجاء قرار فتح التحقيق بعد تلقي الهيئة أكثر من 20 اعتراضاً على ما قاله المتحدث السابق باسم جماعة Islam4UK المحظورة في بريطانيا منذ 2010 حول القضيّة. علماً أنّ شودري هو رفيق درب الداعية الإسلامي اللبناني محمد بكري فستق في تأسيس تنظيم «المجاهدون» الذي حظرته الحكومة البريطانية بالتزامن مع حظر نشاط Islam4UK، متهمة إيّاه بـ«الإرهاب، والهوموفوبيا، ومعاداة السامية».
المعترضون وجدوا في كلام الرجل الباكستاني الأصل «استخفافاً بدماء الجندي»، فيما رأى آخرون أنّه قد يؤدي إلى «التحريض على ارتكاب جرائم مماثلة». وعلى الأثر، وجدت الهيئة التي تأسست عام 2003 أنّ من الضروري البحث في ما إذا كان هناك «اختراق لقانون البث». يومها، أقرّ شودري بأنّه التقى أحد المشتبه بهم في القضية مايكل أديبولاجو (28 عاماً) في عدد من التظاهرات، مضيفاً أنّه «عندما رأيت ما حدث، صدمت. ولكنني لا أعتقد أنّ الكثير من المسلمين يعارضون ما قاله في الفيديو». كلام الرئيس السابق لـ«جمعية المحامين المسلمين» جاء خلال مقابلة مع كريستي وارك على BBC2 التي حاولت مراراً دفعه إلى إدانة الجريمة. لكنّ الداعية لم يرَ مشكلة في أن يظهر أديبولاجو في فيديو على الإنترنت، حاملاً بيده ساطوراً ملطخاً بالدماء وهو يردد: «نقسم بالله العظيم اننا لن نتوقف عن محاربتكم»، مضيفاً أنّ «السبب الوحيد الذي دفعنا لفعل هذا هو أنّ المسلمين يموتون كل يوم. قتل هذا الجندي البريطاني هو من باب العين بالعين والسن بالسن». وعلى خلفية هذه الحادثة، ظهرت انتقادات عدّة للوسائل الإعلامية الثلاث أبرزها من قبل البارونة سعيدة وارسي رئيسة حزب المحافظين، وأوّل وزيرة مسلمة في بريطانيا، إضافة إلى وزير الدفاع في حكومة الظل عن حزب العمّال جيم مورفي. استنكر الاثنان إفساح «الكثير من وقت البث لآراء شودري المثيرة للجدل». أمّا وزيرة الداخلية تيريسا ماي، فذهبت أبعد من ذلك مركزة على القوانين، إذ أكّدت أنّ على الحكومة النظر في ما إذا «كان لدينا الآليات الصحيحة، والقواعد السليمة المتعلقة بما يبث في منازل المواطنين».
إذاً، يفترض أن تكون بريطانيا اليوم أمام إعادة نظر جدّية في بعض قواعد البث الإعلامي. لكن الأكيد هو أنّه كان يمكن للداعية السلفي أن «يأخذ فرصته الحقيقية» على الشاشات اللبنانية، موّفراً على نفسه وعلى الآخرين كل هذه البلبلة!