القاهرة | «ساعات ممكن تنسى إنّ في ربنا» جملة مماثلة لم يعتد المشاهد المصري للدراما الرمضانية أن يسمعها. قد تنقلب الدنيا بسبب وجودها في أيّ عمل فني، فكيف الحال إذا وردت في مسلسل يُعرض في رمضان حيث معايير الرقابة أشد قسوة من المعتاد. تلك الجملة قالها صلاح عبد الله أحد أبطال مسلسل «حكاية حياة» (تأليف أيمن سلامة وإخراج محمد سامي) الذي تؤدي بطولته غادة عبد الرازق. لم تكن هذه الجملة هي الخروج الوحيد في المسلسل عن الرقابة الرمضانية المعتادة، بل قام الفنان سناء شافع بسبّ الدين، وهو الحدث الأول من نوعه في رمضان، وربما في تاريخ الدراما العربية كلّه. هذا بالإضافة إلى ملابس بطلات المسلسل الجريئة، والخيانات العديدة في صلب دراما الحلقات.
مسلسل آخر مثير للجدل ومليء بالإيحاءات نشاهده في رمضان هو «مزاج الخير» من بطولة مصطفى شعبان وعلا غانم (تأليف أحمد عبد الفتاح، وإخراج مجدي الهواري). تقول بطلته علا غانم «التلفون فاصل شحن، مع إني حطاه في صدري». وفي نهاية الحلقة، تخرج بفوطة تلفّ جسدها، إضافة إلى ملابس الممثلة درة التونسية التي تجسّد دور راقصة. المسلسل الذي أعطى لمشاهديه فكرة عن محتواه الجريء من البرومو الخاص به، دفع أحد المحامين (قبل عرضه) إلى رفع دعوى للنائب العام بمنع عرضه بسبب عدم تلاؤم محتواه مع شهر الصوم.
مسلسلات أخرى تكثر فيها المشاهد الجريئة مثل «القاصرات» (إخراج مجدي أبو عميرة وبطولة صلاح السعدني، وداليا البحيري)، و«موجة حارة» (كتابة مريم نعوم، وإخراج محمد ياسين). كما استحدثت «mbc مصر» التحذير الشهير +18 للتدليل على محتوى «موجة حارة»، وهو الأمر الجديد في الدراما التلفزيونية العربية.
إذاً، ما الذي تغيّر هذا العام في الدراما المصرية عن الأعوام السابقة؟ هناك مجموعة من العوامل التي تضافرت لتنتج حريّة جبريّة في دراما هذا العام. لعلّ أهمها المقاومة الناعمة لحكم الإخوان المسلمين في مصر. معظم هذه المسلسلات لا تتعرّض بشكل مباشر إلى الوضع السياسي (المسلسلات بدأ تنفيذها قبل عزل الرئيس محمد مرسي)، لكنها تستخدم آليات ضدّ الرؤية الأخلاقية الضيقة التي تتمسّك بها الجماعة. نصّب الإخوان أنفسهم حرّاساً للأخلاق، وأعادوا من المتحف الرقابي مصطلحات قديمة من قبيل «الفن الهادف» و«الفنّ النظيف»، بكل ما تحمله من غايتها في النهاية، وهي قياس المكشوف من أجساد الفنانات، وعدد الألفاظ ذات المخالفات الشرعية.
كان ضرورياً أن تكون المقاومة لهذا الرقيب الأعمى بتفكيك خطابه القديم، صاحب النظرة المحدودة إلى الأخلاق. عنف فنيّ ناعم لم يأت من فراغ، بل جاء متماشياً مع سيولة الشارع، وتخلّص المجتمع من قيود الدولة على مدار عامين ونصف العام، مما جعل صور العنف اللفظي والجسدي من التفاصيل اليومية، ومن العبث ألا يتجلّى هذا العنف على الشاشة. الألفاظ التي تسمّى «خارجة» كانت في لحظة من اللحظات من هتافات ميدان التحرير في التظاهرات ضد الرئيس السابق حسني مبارك على غرار «مبارك... أمك»، ثم في المليونيات المتتابعة ضدّ العسكر، فمحمد مرسي. الإخوان أنفسهم صاروا يسمّون بين العامة بـ«الخرفان»، وهم كجزء من حركة الشارع، لم يكونوا بعيدين عن العنف اللفظي رغم التحفّظ في استخدام السباب في النيل من معارضيهم. الرغبة في كسر سلطة الإسلام السياسي من السمات المميّزة لدراما هذا العام. واللافت أنّه منذ عرض المسلسلات مع سقوط الإخوان في براثن الغضب الشعبي، لم تظهر أي ردة فعل تعترض على هذه المفردات في المسلسلات، سواء كانت ردة فعل شعبية أم رسمية. هذه الملاحظة تنفي بالتالي أن يكون الغضب الشعبي ضد الإخوان مرتبطاً بالمشكلات الاقتصادية فحسب. إنّه خروج يحمل في معناه العميق رفضاً لتقييد الحريات. حتى اليوم، لم يتذمّر الناس من جرأة محتوى المسلسلات ولا ألفاظها. ولعلّ واقعة طريفة على موقع فايسبوك تدل على هذه الرؤية. فقد كتبت «صفحة الشرطة المصرية» على فايسبوك تنتقد خروج علا غانم بالفوطة، لكن سرعان ما إنهالت التعليقات الساخرة من اهتمام الشرطة بملابس الفنانات! المشهد الآن تختصره صورة اصطفاف الناس في المقاهي والأماكن العامة لمشاهدة المسلسلات من دون أن تتعالى الأصوات المعترضة على جرأة المحتوى أو المزايدة الأخلاقية بعبارة «شعب متديّن بطبعه».

«حكاية حياة» على cbc (21:00) و «art حكايات» (20:00)
«مزاج الخير» على «النهار» (13:00)
«القاصرات» على «أم. بي. سي. مصر» (23:30)
«موجة حارة» على «أم. بي. سي. دراما» (21:00)



الليلة مع نيشان

تحلّ غادة عبد الرازق ضيفة الليلة على برنامج «أنا والعسل 2» الذي يقدمه نيشان ديرهاروتيونيان على قنوات «الحياة» المصرية و lbci و ldc (23:30). يُذكر أنّ الممثلة المصرية لم تنته بعد من تصوير مسلسلها «حكاية حياة» الذي يعرض حالياً بسبب الخلافات القوية التي نشبت بينها وبين مخرج العمل محمد سامي (الأخبار 27/6/2013). وقد أكدت صاحبة «مع سبق الإصرار» سابقاً أنّها اتفقت مع المنتجة مها سليم على دفع باقي المستحقات المالية لسامي، وإسناد مهمة الاخراج إلى أحد الشباب.