لا يزال مقتل السينمائي الإيطالي بيار باولو بازوليني (1922ــ 1975، الصورة) يشكّل لغزاً بعد مرور نحو أربعة عقود على الجريمة. الشرطة الإيطالية أقفلت القضية بنتيجة أنّ بازوليني اغتاله مراهق لعوب عبر دهسه مرات عدة بسيارة بازوليني. سجن الفتى تسع سنوات لكن نتيجة التحقيق لم تقنع كثيرين وقتها. الاغتيال جاء بعدما أنهى بازوليني فيلمه المثير للجدل «سالو: أو 120 يوماً في سدوم». ورغم مثليته العلنية التي ربطت بدافع القتل، إلا أنّ بازوليني كان شخصية معقدة عند اليمين واليسار، بمواقفه الجدلية والمتناقضة أحياناً. لم يكن شيوعياً كلاسيكياً، بل ماركسياً مثيراً للجدل، انخرط في العمل الثقافي والصحافة والسياسة، وكتب الشعر والرواية والمقالات الفلسفية. وقتها، وصف البعض القضية بأنّها تصفية حسابات سياسية مع بازوليني. لكن القضية أعيد فتحها عام 2005 عندما سحب المتهم اعترافه السابق خلال مقابلة تلفزيونية، وقال إنّه اضطر للاعتراف الكاذب تحت التهديد، واتّهم رجالاً «ذوي لكنة جنوبية» باغتيال بازوليني عبر ضربه على أحد شواطئ روما، مطلقين عليه شتائم بينها «شيوعي قذر».
السينمائي الأميركي المستقل أبيل فيرارا («ملك نيويورك»، «الجنازة») سيتناول هذه القضية سينمائياً في فيلم يحمل توقيعه. وقد بدأ أخيراً العمل على الشريط الذي اعلن عنه قبل سنتين. وسيحمل عنوان «بازوليني» ويؤدي بطولته ويليام دافو ليروي اليوم الأخير في حياة صاحب «ميديا» وفق ملخص الفيلم الذي نشره موقع الشركة المنتجة Capricci. يلتقي بازوليني مع عشيقه الشاب ليقررا الالتقاء لاحقاً مع أحد الرعاع، فيما يحذّره أحد أصدقائه المقربين من مواصلة الكتابة ضد الحكومة. لا نعلم ما إذا كان فيرارا سيأخذ الموضوع بحرية فنية، أم سيضعه في سياق بحثي يتناول فيه الجريمة بأبعادها السياسية. فيرارا المحنك المستقل الذي انتهى تقريباً من فيلمه الجديد عن فضيحة دومينيك شتروس كان، لا يزال يعاني من صعوبة في توزيع افلامه في الولايات المتحدة إلى درجة حبذ فيها جمهوره مشاهدة أفلامه عن طريق القرصنة. لكن موضوع الفيلم المرتقب أسال لعاب محبي بازوليني والفن السابع. لذا، يُتوقع أن يحظى الشريط بتوزيع جيد على الأقل في إيطاليا وأوروبا. فهل يفتح طرح القضية سينمائياً الباب مجدداً في هذه القضية؟