بورتريهات من خليط الشارع المصري سافرت أخيراً إلى إسبانيا، وتحديداً إلى مركز Conde Duque الثقافي في مدريد. تحت عنوان «روح العالم»، أنجز المصوّر الإسباني ميغيل شانشيز (1977) معرضاً فردياً يضمّ حوالي 70 صورة من وجوه الشارع المصري. المعرض هو ثمرة مشروع إنطلق في القاهرة في العام 2009، مع سانشيز والصحافيّة نوريا تيسن (1980 ) بعدما شاهدا أنّ مصر مقبلة على تغيير وتحوّل مفصلي وخصوصاً مع التحوّلات السياسية، والإجتماعية، والثقافية التي بدأت في السنوات الأخيرة وأدّت في عام 2011 إلى إنفجار الشارع وسقوط نظام مبارك. وكان المصوّر الإسباني افتتح استديو خاصاً به في القاهرة عام 2009، لكنّ ذلك لم يحُل دون حسّ المغامرة والاكتشاف والترحال عنده. هكذا، شدّ رحاله إلى ليبيا حيث كان شاهداً على سقوط معمر القذافي، وعايش الحروب الاسرائيلية على غزة، ومرحلة إغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان عام 2005.
أما معرضه «روح العالم»، فيتزامن مع عدد من الفعاليات التي تقام في Conde Duque تحت عنوان «مصر بعد الربيع العربي». يشتمل المعرض الفوتوغرافي الفردي على بعض البورتريهات المستمدّة من الشارع المصري. وهي عبارة عن وجوه معروفة وغير معروفة منها صور فنانين ومشاهير ومدونين وعمّال وبائعين متجوّلين وبعض المعتصمين والمتظاهرين إبان «ثورة 25 يناير». نرى مثلاً صورة لأم سامح مغنّية فرقة «مزاهر» لموسيقى الزار بزيّها التقليدي، كذلك هناك صورة لفنان الغرافيتي الشاب «جنزير»، ولعازف العود العراقي الذي يقيم في مصر نصير شمّة، لننتقل إلى بائعة زهور عجوز، ولشخص باللباس التراثي يقف إلى جانب حمار. هذه الكليشيهات كلّها وضعها المصوّر الإسباني ضمن إطار واحد جعلها متشابهة من ناحية الفضاء المغلق ذاته والإضاءة، ليرينا أنهم جميعاً يمثّلون مرآة للحياة، وللشارع المصري الذي شارك كل فرد فيه في التحوّل الكبير الذي ما زالت مصر تعيش إرهاصاته حتى اليوم. كذلك، يعمل المعرض على تظهير بعض التحوّلات التي ما زالت ترافق هذا المجتمع الإستثنائي، وتشكّل جزءاً دائماً فيه. وقد أُرفقت هذه البورتريهات بكتابات ونصوص سجّلتها تيسن المتخصصة في الشؤون العربية التي تعيش في القاهرة. المعرض الذي يستمرّ حتى الأول من شهر أيلول (سبتمبر)، يضعنا أمام النظرة الغربية إلى أم الدنيا. لكنّ هذا المشروع الطموح يكتسب أهميّة أخرى ألا وهي الأهمية التوثيقيّة لمرحلة ما قبل الثورة المصرية وما بعدها، أي أنّه يذكّرنا بماضي مصر وحاضرها، ويقدّم لنا عبر هذه البورتريهات ملامح مستقبلها أيضاً!