تونس | بعد عامين من تراجع حضوره بسبب ظروف تونس، استعاد «مهرجان المدينة» في العاصمة مكانته بوصفه ظاهرة موسيقية عملت منذ الثمانينيات على إحياء معالم مدينة تونس العتيقة بتنظيم السهرات وإعادة الروح إلى الموسيقى التقليدية المعروفة بالمالوف والفن الشعبي لحاضرة تونس التي تأسست حول «جامع الزيتونة» سنة ٦٩٨ وصُنِّفت كتراث عالمي منذ ١٩٧٩.
مساء اليوم، ينطلق المهرجان بحفلة في «المسرح البلدي» مع لطفي بوشناق وزياد غرسة. كلاهما من أبرز المطربين الذين عملوا على إحياء التراث الموسيقي التونسي المعروف بالمالوف، إضافة إلى الإنشاد الديني. وقد تخرّجا من جمعية «فرقة الرشيدية» التي أسّسها رشيد باي ـــ أحد أمراء تونس ـــ في الثلاثينيات للمحافظة على الهوية الموسيقية التونسية تحت الاستعمار الفرنسي. وتتواصل السهرات بين «المسرح البلدي» في شارع الحبيب بورقيبة وفضاءات المدينة العتيقة التي عانت طويلاً من الإهمال، قبل أن يعيد إليها المهرجان الروح. سهرات «المدينة» تتنوّع على إيقاع الموسيقى التقليدية التونسية والتركية والإنشاد الصوفي وموسيقى الروك والبلوز والغوسبل من تونس وإيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة. ومن المواعيد أمسية مع التونسية المقيمة في باريس غالية بن علي (٢٥/٧) وفرقة «الفارابي» (٢٦/٧) وفنان الروك والبلوز أحمد الماجري (٢٩/٧). ويخصص المهرجان سهرة 1 آب (أغسطس) للإنشاد الصوفي في زاوية الولي الصالح سيدي علي عزوز، وهي عادة سنوية تحتفي بهذا الولي الذي تغنّى به منشدو الفرق الصوفية. وكانت مقامات الأولياء الصالحين تتعرض منذ صعود حركة «النهضة» إلى الحكم لعمليات حرق من مجموعات وهابية. وستكون السهرات الأخيرة مع يسرى محنوش (٢/٨) ونور الدين الباجي ودرصاف الحمداني (٦/8). ما زال «مهرجان المدينة» مصرّاً على إضاءة الأنوار في أزقة المدينة العتيقة التي عرفت خطى ابن خلدون، وخير الدين التونسي، ومحمود بيرم التونسي، والطاهر الحداد، وأبو القاسم الشابي وغيرهم من الشعراء والمفكرين المستنيرين في زمن يزحف فيه الظلام.