اختارت دالين جبور الشقّ الصوفي من موسيقى عصر النهضة لتحيي حفلتها الأولى (18/7) ضمن «أمسيات بابل الرمضانية»، فيما تأتي أمسيتها الثانية في المهرجان طربية (1/8). تميزت موسيقى عصر النهضة التي ظهرت خلال النصف الثاني من القرن 19 مع مطرب ومرنّم البلاط المصري عبده الحامولي (1836ــ 1901) والإمام محمد عبده (1849 ــ 1905) بأسلوب تأويلي. أدت الصداقة التي جمعت الاثنين إلى تجديد الموسيقى المصرية والفقه الإسلامي الذي يعتمد على المتوارث ويحييه من الداخل. لذلك، تميزت هذه الحقبة التي استمرت حتى 1932 بأسلوب ارتجالي تعزز الفردية العزفية لكل مؤدّ.
في هذا الإطار، ارتكزت دراسة جبور الموسيقية في «الجامعة الأنطونية». مارست الأداء الطربي الذي يحفّز على القدرة الارتجالية والإبداعية اللحظية، وأنشأت فرقة مع موسيقيّين متمرّسين في هذا الأسلوب ومتبحّرين في التقاليد الموسيقية المشرقية، وهم: خليل البابا على الكمان، إيهاب عربيد على العود، بلال بيطار على القانون ووسام بيطار على الرق.
تقدّم أمسية جبور الصوفية «حال» التراث الموسيقي المحتوي على تصرفات أدائية بألحان ثابتة وارتجالات بشكل تقاسيم عزفية، ومواويل صوتية. وتتميز فرقة هذا التخت بالأداء الهتروفوني، حيث يتصرف كل عازف بالنص الموسيقي المتوارث خلال الأداء الجماعي حين تغيب التقاسيم والمواويل في قوالب تقليدية كالسماعي والدولاب. وهناك أيضاً قوالب مختلطة كالتحميلة. وتتخلل القالب مقاطع من الارتجال على إيقاع ثابت. تستهل مطربة عصر النهضة حفلتها بأداءٍ صوتي منفرد لابتهال «برضاك يا خالقي»، ثم تكمل الفرقة بوصلة تعرض المقام. ويتخلل العرض موشحات وتحميلة وقصائد مرسلة وتقاسيم وتوشيحات من شعراء الحقبتين القديمة والمعاصرة كمحمد بن الطاهر المجذوب، والإمام الشبراوي وأحمد شوقي، ونذكر من ملحني القوالب الثابتة في هذه المجموعة أبو العلا محمد ورياض السنباطي.
يرافق الأمسية عرض صور للدراويش أعدّتها المصوّرة دانيال شيخاني من بلدان عدة. وفي مراحل أخرى، يرافق أداء الفرقة الطربي عرض تعبيري للراقصة الصوفية الأميركية زمزم. في النصف الثاني من العرض، تقدّم جبور ضمن التخت الشرقي أغنية حديثة (القلب يعشق كل جميل) بأسلوبٍ تقليدي مختلف عن التجديد الذي مارسته أم كلثوم.
أما الأمسية الطربية التي تقدّمها في المهرجان، فتضمّ خليطاً من موسيقى عصر النهضة غير الصوفية، والموسيقى العربية المعاصرة، تستهلها بوصلة في الحجاز من تراث عصر النهضة العربية وتتبعها قوالب كـ«سماعي شد عربان»، وموشحات كـ«زارني المحبوب»، و«يا غزالاً زان عينيه الكحل»، و«لاح بدر التّم» ودور «أنت فريد في الحسن» وقصيدة «كم بعثنا مع النسيم سلاماً» لتختتم بقصيدة «الأطلال».



دالين جبّور: 18 تموز (يوليو) و1 آب (أغسطس) ــ مسرح «بابل»