القاهرة | تنطلق غداً الأحد مسيرة احتجاجية يتوجّه فيها المشاركون في اعتصام المثقفين، في مكتب وزير الثقافة المصري، من مقرّ اعتصامهم في حيّ الزمالك إلى ميدان التحرير في وسط القاهرة ضمن فعاليات «ثورة 30 يونيو» المطالبة برحيل النظام وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. 25 يوماً مرت على بدء اعتصام المثقفين المصريين في مكتب وزير الثقافة علاء عبد العزيز للمطالبة برحيله، والوزير لا يزال في منصبه. الاعتصام الذي ارتفع سقف مطالبه حتى بلغت حد إسقاط النظام، لم يسلم من الاعتداء اللفظي والبدني من قبل «رعاع الظلام» الذين هددوا مثقفي مصر بالذبح والسحل والتنكيل، في معركة عرفت بـ«غزوة الثقافة».
منذ تولّيه الصرح العريق قبل أقل من شهرين، يدأب وزير الثقافة المعيّن من قبل الحكومة الإخوانية على إقالة قيادات المؤسسات التابعة له تمهيداً لـ«أسلمة الوزارة». قرارات استفزازية دفعت الساحة الإبداعية إلى الوقوف صفاً واحداً لحماية الميراث التنويري الذي أدى دوراً كبيراً في نهضة مصر، فيما يرى البعض أن عصيان المثقفين لم يبدأ بالاحتجاج على الوزير وقراراته، فقد سبق ذلك عصيان ناعم (الأخبار ٢٦ شباط/ فبراير ٢٠١٣) حين أصدر أكثر من 100 من المبدعين والمثقفين المصريين بياناً دعوا فيه إلى سحب الثقة من الرئيس المصري وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مشددين على أنّ «الصراع الدائر في مصر الآن هو صراع بين ثقافة جماعة مؤطرة بإرث تاريخي يصلح لها وحدها ومن اقتنع بمبادئها، وثقافة شعب متعدد الطوائف والمشارب والاتجاهات». من جانب آخر، لجأ الوزير المقرّب من الإسلاميين إلى الحيلة التقليدية، بتجميع عدد من موظفي وزارة الثقافة للتظاهر وإعلان تأييدهم لقراراته، مطالبين إيّاه باستكمال «تطهير الوزارة من الفاسدين»، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بينهم وبين المعارضين (الأخبار ٣ حزيران/ يونيو ٢٠١٣). الاشتباكات تكررت بصورة أعنف مع دعوة الإسلامي ممدوح إسماعيل والناشط الإخواني أحمد المغير، «رجل الشاطر»، إلى توجه أنصار الوزير إلى مقر الاعتصام وفضّه بالقوة، فوقعت مشادات كلامية تطورت سريعاً إلى اشتباك وتبادل لرمي الحجارة والأحذية، قبل أن يتدخل الأمن ويقيم حواجز فاصلة بين الطرفين، انسحب بعدها الإسلاميون وهم يهددون بالعودة هاتفين ضد المثقفين «هندبحكم». كذلك هاجم عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين متظاهري دار أوبرا دمنهور، وأصيب 24 شخصاً بينهم 4 من رجال الشرطة، فيما لم يسلم اعتصام مثقفي الإسكندرية في «مسرح بيرم التونسي» من الاعتداء بالأسلحة البيضاء والشوم والعصي، ما أدى إلى تعليق اعتصام الاسكندريين على أن يعاودوه يوم غد الأحد.
وجاء ردّ المعتصمين خلال المؤتمر الطارئ في 16 حزيران (يونيو) الذي عقده أعضاء لجان «المجلس الأعلى للثقافة» الذي يضم نخبة من المثقفين تزيد على 600 عضو، مطالبين بـ«بإبعاد الوزير عن المجلس الأعلى»، وعدم مصادرة جوائز الدولة أو إلغاء المهرجان القومي للسينما المصرية، ومحذرين من المساس بـ«الوثائق القومية»، ومناشدين الجيش التدخل لحماية ذاكرة مصر. وأوضح الكاتب حلمي النمنم، الرئيس السابق لمؤسسة دار الهلال، لـ«الأخبار» أنّ الإخوان يعملون على تجريف دار الكتب والوثائق من الكفاءات لمصلحة الجماعة، وحاول الوزير تمكين بعض الأشخاص التابعين للإسلاميين من السيطرة على الدار للحصول على وثائق تخص الإخوان والتنظيم السري (جناح مسلح أسّسه الإخواني عبد الرحمن السندي عام 1936 وقام باغتيال بعض رموز القضاء والسياسة، ومنهم رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي الذي سبق أن أصدر قراراً بحلّ الجماعة عام 1948). وامتد الاحتجاج على بقاء الوزير الإسلامي إلى محافظات أخرى، كالإسكندرية، الإسماعيلية، السويس، بور سعيد، الغربية، الدقهلية، دمياط، دمنهور... بينما لا تزال السلطة الإخوانية التي تواجه موجة جديدة من الغضب الثوري، بدءاً من يوم غد الأحد، تقابل مطالب المثقفين بـ«أذن من طين وأخرى من عجين».